صيرورته هبة في بعض أفراد المسألة كما ترى.
وإن تلف وقد قبضه بإذن صاحبه العالم بموضوعه وحكمه كان تالفا من مال مالكه وإن فك حجره بعد التلف لأصالة البراءة بعد أن كان هو المسلط له على ذلك ، وهو المسقط لحرمة ماله ، فلا يشمله شيء من أدلة الضمان.
لكن الإنصاف أنه إن لم يثبت الإجماع عليه كما هو الظاهر من بعضهم حيث أرسلوه إرسال المسلمات ، وادعوا ظهوره ووضوحه بحيث لا يحتاج إلى بيان لا يخلو من اشكال ، يظهر مما ذكروه في قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، مع العلم بالفساد من أنه لا يقتضي سقوط الضمان بعد أن كان الاذن حاصلا فمن ضمن البيع فهي في الحقيقة مشروط بصحة البيع المفروض انتفاؤها ، فتنتفي حينئذ الاذن ، ويكون كفاقد الإذن في شمول أدلة الضمان له ، وهو بعينه جار في المقام وقياس السفيه على المجنون الذي لا يعقل معه الخطاب المشروط ـ واضح الفساد ، ضرورة كون السفيه مكلفا قابلا للخطاب ، وإن حجر عليه في التصرف في المال.
وأغرب من ذلك ما عساه يظهر من إطلاق المصنف وغيره ، من عدم الضمان مع الجهل أيضا ، بل صريح القواعد ومحكي المبسوط ، والتحرير ، والتذكرة ، وجامع المقاصد ، والكفاية ، ولعله ظاهر المسالك أيضا قال : « ووجهه أن البائع قصر في معاملته قبل اختبار حاله وعلمه بأن العوض المبذول منه ثابت أم لا؟ فهو مضيع لماله ».
وفيه منع كون ذلك مسقطا لحرمة المال ، مع عموم أدلة الضمان ، وقد يفرض عدم التقصير المزبور أيضا ، ولعله من هنا حكى في التذكرة عن بعض الشافعية أن السفيه إذا أتلف المال بنفسه ضمن بعد رفع الحجر ، ثم قال : « ولا بأس به » بل خص في اللمعة الضياع وعدم الضمان بالمعامل العالم ، بل نص في الروضة لو كان جاهلا بحاله كان له الرجوع مطلقا ، لعدم تقصيره ، بل عن الأردبيلي أنه تأمل في صورة العلم أيضا لأنه صار سفيها أيضا ، إلا أنه استظهر عدم الضمان ، ثم قال : « الذي يختلج في صدري ضمانه مع علمه ، أي السفيه بعدم صحة هذا العقد وعدم صحة التسلط إلا أن يكون المسلم إليه عالما وقبضه إياه » فتأمل هذا كله إذا قبضه بالإذن.