وأما إذا كان قد قبضه بغير إذن ، فالمتجه فيه الضمان ، لعموم أدلته ، وعدم صدور غير العقد الفاسد من المالك ، وهو لا يقتضي الإذن فهو حينئذ كما لو أتلف ما لم يؤذن له فيه ، وهو الظاهر من المصنف ، بل هو صريح غيره ، بل لا أجد فيه خلافا بيننا وبين غيرنا ، سوى ما عن الأردبيلي من أن الظاهر عدم الضمان ، لأن المالك قد ضيعه على نفسه بإجراء العقد المسلط عرفا على القبض ، وفيه ما لا يخفى ، خصوصا بعد أولوية السفيه في الضمان من الصبي والمجنون اللذين قيل بلزوم الضمان عليهما لو فرضنا كذلك.
ومما ذكرنا يظهر لك الحال فيما لو اقترض السفيه وأتلف المال ، وإن صرح في القواعد أيضا بعدم الضمان فيه على كل حال ، لكن فيه ما تقدم ، مضافا إلى ما ذكروه في اقتراض المملوك وإتلافه له على نفسه من دون إذن سيده من ضمانه ، وأنه يتبع به العتق ، إذ السفيه أما أولى منه أو مساو له ، ولو لا تصريح البعض هنا بعدم الضمان ولو فك الحجر ، لأمكن تنزيل كلامهم على عدم الضمان فعلا ، بحيث يؤدي من ماله.
وعلى كل حال فالذي ينبغي مراعاة الضوابط بعد فرض عدم الإجماع في المقام إذ دون ثبوته على الوجه المثمر خرط القتاد ، فتأمل جيدا والله أعلم.
ومما ذكرنا يعلم الحال فيما لو أودعه إنسان مثلا وديعة مع العلم بحجره فأتلفها ولو مباشرة لكن قال المصنف ففيه أي في ضمانه تردد وخلاف والوجه انه لا يضمن كما عن إرشاد الفاضل ، للأصل ولتفريطه بالإيداع بعد نهى الله تعالى عن إيتاء السفيه المال ، فهو حينئذ سبب أقوى من المباشر.
ولأن « إسماعيل بن الصادق عليهالسلام (١) أراد أن يستبضع رجلا فنهاه أبو عبد الله عليهالسلام عن ذلك ، لأن ذلك الرجل كان يشرب الخمر ، فخالف واستبضعه ، فاستهلك ماله ، فحج أبو عبد الله عليهالسلام ، وحج معه ابنه إسماعيل فجعل يطوف بالبيت ويقول « اللهم أجرني واخلف على » فلحقه أبو عبد الله عليهالسلام ، فهمزه بيده من خلفه ، فقال له : مه يا بني فلا
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب أحكام الوديعة الحديث ـ ١.