ولعله لذا قال المصنف وهو شرط في الصحة مع قولنا بـ ( اشتراط النطق بالصريح ) ضرورة عدم الاكتفاء بذلك عنه ، فإن مطلق النطق بالصريح أعم من قصد الطلاق به.
وحينئذ فلو لم ينو الطلاق وإن نطق به لم يقع ، كالساهي المرفوع عنه حكم سهوه (١) والنائم الذي هو أحد من رفع القلم عنه حتى يفيق (٢) والغالط الذي هو في الحقيقة لم يقصد اللفظ ولا المعنى ، لأنه أراد أن يقول مثلا : « أنت طاهرة » فسبق لسانه فقال : « طالق » فما في المسالك ـ من الفرق بينه وبين الأولين بأنه قد تخلف فيه قصد المعنى دون اللفظ بخلاف الأولين الذين تخلفا معا فيهما ـ لا يخلو من نظر إن أراد قصد خصوص لفظ الطلاق.
وأغرب من ذلك قوله متصلا بما سمعت : « وهل يقبل دعوى سبق اللسان ظاهر العبارة يدل عليه ، ووجهه أن ذلك أمر باطني لا يعلم إلا من قبله ، فيرجع إليه فيه ، ولأن الأصل عدم القصد ، ويحتمل عدم القبول ، لأن الأصل في الأفعال والأقوال الصادرة عن العاقل المختار وقوعها عن قصد ، ويمكن حمل عدم الوقوع في كلام المصنف عليه في نفس الأمر لا في الظاهر وأما في الظاهر فان وجد قرينة تدل عليه قوى القبول ، وإلا فلا » إذ هو سهو واضح ، فإن عبارة المصنف لا تعرض فيها لذلك. وإنما فيها اعتبار القصد واقعا وتخلفه كذلك ، نعم سيأتي له التعرض لذلك بقوله : « ولو قال » إلى آخره.
وكيف كان فلا خلاف عندنا في بطلان طلاق الثلاثة بل ظني أنه كذلك عند العامة فضلا عن الخاصة وإن لم يعتبروا القصد في النطق بالصريح ، لكن ذلك إنما هو في مقابلة اعتبار قصده بالكناية ، بمعنى الإكتفاء في النطق بالصريح بقصد معناه بخلاف الكناية التي يعتبر قصد الطلاق بها ، ولا يكفى قصد معناها.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ٢ من كتاب الصلاة والباب ـ ٥٦ ـ من أبواب جهاد النفس من كتاب الجهاد.
(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات الحديث ١١ من كتاب الطهارة.