ما سمعته من السلف الصالح ، لا مطلقا اعتمادا على التخصيص بالضمير الذي لا يكفي في صرف الكلام عن الكذب عرفا ، فما سمعته من المسالك لا يخلو من منع.
ونحوه ما ذكره في شرح قول المصنف وكذا لو حلف « ما أخذ جملا ولا ثورا ولا عنزا » وعنى بالجمل الحساب وبالثور القطعة الكبيرة من الأقط وبالعنز الأكمه لم يحنث فإنه قال : « هذا من أقسام التورية بصرف اللفظ المشترك إلى بعض معانيه التي على خلاف الظاهر في تلك المحاورة ، وهو قصد صحيح بطريق الحقيقة وإن كانت مرجوحة بحسب الاستعمال حتى يلزم فرض بلوغها حد المجاز من حيث تبادر الذهن إلى غيرها كان قصدها صارفا عن الكذب ، لأن استعمال المجاز أمر شائع وإن كان إطلاق اللفظ لا يحمل عليه عند التجرد عن القرينة ، فإن المخصص هنا هو النية فيما بينه وبين الله تعالى للسلامة من الكذب حيث لا يكون ظالما بالدعوى عليه بذلك ، وإلا لم تنفعه التورية كما مر ».
إذ قد عرفت سابقا أن اليمين المجردة عن تعلق للغير تتبع ضمير الحالف حتى لو أراد من اللفظ ما لا يدل عليه حقيقة ولا مجازا ، وأما مالها تعلق بالغير ولو على وجه المخاطبة والمحاورة والاخبار ونحوه فلا يجوز التورية بما تنافي ظاهر اللفظ اعتمادا على ما في ضميره ، لما عرفت من صدق الكذب عليه عرفا ، مع احتمال القول بعدم الحنث في اليمين مع التورية في الضمير وإن أثم لصدق الكذب عرفا ، لعدم مدخلية نية المحلوف له هنا في يمين الحالف إلا مع فرض كونه مدعيا بحق ، وظاهر آخر كلامه حمل ما في المتن على الثاني ، وحينئذ يتوجه عليه ما سمعت.
ولو اتهم غيره في فعل فحلف المتهم بالفتح للمتهم بالكسر ليصدقنه في هذا الأمر فطريق التخلص من ذلك مع إبقاء الأمر على إبهامه باخباره بالنفي وبالإثبات ، نحو أن يقول : فعلت وما فعلت وذلك لأن أحدهما صدق فيبر يمينه وإن كذب في الأخر ، فإن الاصداق في أحد الخبرين لا ينافي الكذب في الأخر ، نعم إنما يتم ذلك إذا لم يقصد التعيين