من الرد إلى الكتاب والسنة ، لا صحة الواحدة كما سمعته سابقا ، وحينئذ يكون الخبر الأخير دليلا لهذا القول ، وحينئذ تتفق النصوص المصرح فيها بالثلاث المرسلة على البطلان ، فتخصص أو تقييد بها تلك النصوص المدعى شمولها للمرسلة.
وبذلك بان لك أن القول الأول أرجح من حيث النصوص إلا أن شهرة الأصحاب قديما وحديثا بل الإجماع المحكي قد رجح كون المراد من النصوص المزبورة ذلك ، خصوصا مع ضعف المعارض وعدم الجابر.
لكن قد يقال باختصاص ذلك بما إذا لم يقصد الطلاق البدعي على وجه أراد من الطلاق في الصيغة ذلك ، فيتجه البطلان فيه ، لأنه يرجع إلى عدم قصد الطلاق الصحيح ، ضرورة عدم تعقل التعدد بدون التكرار وإن بطل الثاني منه أيضا ، لعدم مصادفة المحل ، أما إذا قصد معنى الصيغة أولا وأضاف إليها ثلاثا بقصد آخر مستقل فإنه يكون حينئذ صحيحا وتلغو إضافته ، ضرورة رجوعه إلى بيان ما تعلق به غرضه من عدد الصيغة ، نحو قول نوح على نبينا وآله و ( عليهالسلام ) (١) لما خاف الغرق : « لا إله إلا الله ألفا » فيكون مراده في الحقيقة في الثلاث تكرر النطق بها ثلاثا على معنى إنى أقول : « أنت طالق » ثلاثا وربما كان ذلك وجه جمع أيضا ، بل ربما يشم في الجملة من مكاتبة إبراهيم (٢) السابقة وغيرها.
ومن التأمل فيما ذكرنا يظهر لك النظر في كلام جملة من الأصحاب ، خصوصا السيد في الرياض ، فلاحظ وتأمل.
وكيف كان فقد بان لك مما سمعته من النصوص السابقة أنه لو كان المطلق مخالفا يعتقد الثلاث لزمته لأن ذلك دينه ، مضافا إلى الإجماع بقسميه عليه ، وإلى خبر عبد الأعلى (٣) عن أبى عبد الله عليهالسلام « سألته عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا قال : إن كان مستخفا بالطلاق ألزمته ذلك » وغيره ، بل في خبر علي بن أبي حمزة (٤) سأل أبا الحسن عليهالسلام « عن المطلقة على غير السنة أيتزوجها الرجل؟
__________________
(١) مهج الدعوات للسيد ابن طاوس ( قده ) ص ٣٧٩.
(٢) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ١.
(٣) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ٧.
(٤) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ٥.