قد يقال : بإرادته من مثل المتن ، للتعبير عنه بفاسد العقل ، وهو غير المجنون الذي ذكره بعد ذلك في الشرط الثاني ، واحتمال أنه ذكره هنا باعتبار اتصال فساد عقله بحال الصبا يدفعه أن البحث حينئذ من هذه الجهة في كون الولاية حينئذ للأب والجد مثلا أو للحاكم لا في طلاق الولي عنه وعدمه الذي ذكره المصنف.
وعلى كل حال لا إشكال في دلالة النصوص المزبورة على صحة طلاق الولي عنه ، فما سمعته من الشيخ وابن إدريس ـ من عدم جوازه لخبر (١) « الطلاق بيد من أخذ بالساق » وظهور قوله تعالى (٢) ( فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ ) إلى آخرها في وقوع الطلاق منه ، ولمشاركته للصبي في المعنى ، وللإجماع المحكي عن الشيخ ـ واضح الضعف ، ضرورة أنه لو سلم دلالة الخبر المزبور على نفي طلاق الولي فالنصوص المزبورة حاكمة عليه ، وكذا الآية التي هي أضعف دلالة من الخبر على ذلك ، والقياس على الصبي مع أنه غير جائز يدفعه أنك قد عرفت الفرق بينهما ، مضافا إلى النصوص ، والإجماع مع وهنه بمصير المشهور إلى خلافه حتى من حاكيه في غير الكتاب معارض بما عن الفخر من الإجماع على الجواز هذا ، ولا يخفى عليك أنه بعد تنزيل النصوص المزبورة على ما ذكرنا تدل بالأولوية حينئذ على جواز طلاق ولى المجنون عنه ، كما هو واضح.
( الشرط الثاني )
العقل بلا خلاف أجده فيه بيننا ، بل الإجماع بقسميه عليه فلا يصح طلاق المجنون مطبقا أو أدوارا حال جنونه ولا السكران ولا من زال عقله بإغماء أو شرب مرقد أو نوم أو نحو ذلك لعدم القصد الذي يترتب
__________________
(١) كنز العمال ج ٥ ص ١٥٥ الرقم ٣١٥١.
(٢) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٣.