عدم منافاة ذلك لغرض الشارع مما حرمه من الربا ، فليس هو عائدا على نقض غرض أصل المشروعية ، وفالتحقيق حينئذ ما عرفت.
نعم قد يقال : إن فتح الباب المزبور يعود على الغرض بالنقض ، فلا ينافيه ما يصنعه بعض حكام الشرع في بعض الأحوال مع بعض الناس لبعض المصالح المسوغة لذلك ، ضرورة أنه قد يتفق شخص غلب الشيطان عليه في أول أمره ، ثم أدركته التوبة والندامة بعد ذلك ، ثم صار صفر الكف أو مات كذلك ، ولكن ذمته مشغولة بحق الخمس مثلا ، فان الظاهر جواز السعي في خلاصه ، بل رجحانه بالطرق الشرعية التي يندرج بها في الإحسان وتفريج الكربة عن المؤمن ، ونحو ذلك من الموازين الشرعية المأمور بها.
وكيف كان فلا إشكال ولا خلاف في أنه يجوز التوصل بالحيل المباحة شرعا دون المحرمة في إسقاط ما لو لا الحيلة لثبت لإطلاق الأدلة وعمومها مع عدم العلم بمنافاة ذلك لغرض الشارع ومطلوبه ، بل لو توصل بالمحرمة أثم وتمت الحيلة وترتب الحكم الشرعي عليها باعتبار تحقق موضوعه وعنوانه.
فلو أن امرأة مثلا حملت ولدها على الزنا بامرأة لتمنع أباه من العقد عليها أو بأمة يريد أن يتسرى بها فقد فعلت هي وولدها حراما ، ولكن حرمت الموطوءة على قول من ينشر الحرمة بالزنا لتحقق موضوعه وإن كان المقصود منه ذلك ، وهكذا غيره ، إلا أن يثبت من الشارع ما يقتضي معاملته بضد غرضه ، كما في طلاق المريض وحرمان القاتل من الإرث ونحوهما. أما لو توصل بالمحلل كما لو سبق الولد إلى العقد عليها في صورة الفرض لم يأثم وترتب حكم حرمة نكاح حليلة الولد ، وكذا لو كرهت المرأة زوجها وأرادت انفساخ العقد بينهما فارتدت بقول يترتب عليه ذلك وإن لم يزل اعتقادها انفسخ النكاح وبانت منه فعلا مع عدم الدخول ، وإلى انقضاء العدة معه إذا لم تتب ، والمناقشة فيها ـ في الحدائق بأن مرجعها إلى إظهار الكفر من غير زوال اعتقاد الإسلام ، وهو غير موجب للارتداد شرعا ـ يدفعها ما عرفت من إمكان فرضها بالارتداد القولي.