جارية على أمان لها ، فدخلت الأخاديد ، وحصلت في الحياض والغدران ، فلما كانت عشية اليوم همت بالرجوع منها إلى اللجج لتأمن من صائدها ، فرامت الرجوع فلم تقدر ، وبقيت ليلتها في مكان يتهيأ أخذها بلا اصطياد ، لاسترسالها فيه وعجزها عن الامتناع ، لمنع المكان لها ، وكانوا يأخذون يوم الأحد ، يقولون : ما اصطدنا في السبت ، إنما اصطدنا في الأحد ، وكذب أعداء الله تعالى ، بل كانوا آخذين لها بأخاديدهم التي عملوها يوم السبت ، حتى كثر من ذلك ما لهم » ـ إنما هو لعدم موافقة الحيلة للتخلص من النهي عن الاصطياد في يوم السبت ، أو لمعلومية منافاة ذلك للغرض المراد من النهي عن الاصطياد ، وهو الطاعة والامتثال في مقام الاختبار لهم.
ولعل من ذلك ما يتعاطاه بعض الناس في هذه الأزمنة من التخلص مما في ذمته من الخمس والزكاة ببيع شيء ذي قيمة ردية بألف دينار مثلا من فقير برضاه ليحتسب عليه ما في ذمته عن نفسه ، ولو بأن يدفع له شيئا فشيئا ، مما هو مناف للمعلوم من الشارع من كون المراد بمشروعية ذلك نظم العباد وسياسة الناس في العاجل والأجل بكف حاجة الفقراء من مال الأغنياء ، بل فيه نقض للغرض الذي شرع له الحقوق ، وكل شيء تضمن نقض غرض أصل مشروعية الحكم يحكم ببطلانه ، كما أومأ إلى ذلك غير واحد من الأساطين ، ولا ينافي ذلك عدم اعتبار اطراد الحكمة ، ضرورة كون المراد هنا ما عاد على نقض أصل المشروعية ، كما هو واضح.
ولعل ذلك هو الوجه في بطلان الاحتيال المزبور ، لا ما قيل من عدم القصد حقيقة للبيع والشراء بالثمن المزبور ، حتى أنه لذا جزم المحدث البحراني بعدم جوازه لذلك ، إذ هو كما ترى ، ضرورة إمكان تحقق القصد ولو لإرادة ترتب الحكم وتحصيل الغرض ، إذ لا يجب مراعاة تحقق جميع فوائد العقد ، كما اعترف هو به في العقد على الصغيرة آنا ما لتحليل النظر ، بل أشارت إليه النصوص (١) في بيع ما يساوي القليل بالكثير تحصيلا للربح الذي به يتخلص من الربا ،. الذي منه علم
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الربا من كتاب التجارة.