أو عبد بلا خلاف أجده ، لما عرفت سابقا من أن المدار في العدة النساء لا الرجال نصا (١) وفتوى ، ولو كانت أمة فقرءان كما ستعرف وإن كانت تحت حر.
وفي المبعضة وجهان ، من تغليب الحرية ، وأصالة بقاء العدة إلى أن يعلم الانتقال ، وبقاء التحريم إلى أن يعلم الحل ، ومن أصالة البراءة من الزائد ، واستصحاب عدمه إلى أن يثبت الناقل بحريتها أجمع ، والأول أقوى ، خلافا للمحكي عن الشافعية فالثاني.
ثم إن ظاهر الكتاب العزيز (٢) اعتبار جميع مدة ما بين الحيضتين في الطهر ، لتوقف صدق الأقراء الثلاثة على ذلك ، بل ربما كان ذلك ظاهر ما ورد (٣) في تفسير قوله تعالى (٤) ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) من أنه الطلاق قبل العدة ، لكن صريح الأصحاب على وجه لا يعرف فيه خلاف بينهم ـ بل يمكن دعوى الإجماع عليه ـ الاكتفاء في القرء الأول بلحظة منه بعد الطلاق ، بل لعله ظاهر النصوص (٥) السابقة أو صريحها أيضا ، ضرورة اكتفائها في خروج المطلقة في الطهر من العدة برؤية الدم الثالث ، سواء كان طلاقها في ابتدائه أو وسطه أو آخره.
وحينئذ فـ ( لو طلقها وحاضت بعد الطلاق بلحظة احتسبت تلك اللحظة قرءا ثم أكملت قرءين آخرين ، فإذا رأت الدم الثالث فقد قضت العدة ) لما عرفت ، لا لأن بعض القرء مع قرءين تامين يسمى الجميع ثلاثة قروء ، نحو قول القائل : « خرجت لثلاث مضين » مع أن خروجه في بعض الثالث ، ونحو قوله تعالى (٦) ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) والمراد شوال وذي القعدة وبعض ذي الحجة ،
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب العدد.
(٢) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٢٨.
(٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ٦ و ٧.
(٤) سورة الطلاق : ٦٥ ـ الآية ١.
(٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب العدد.
(٦) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٩٧.