سمعت النصوص (١) السابقة الإمرة بصيرها تسعة ، وفي بعضها (٢) أنها الأقصى ، لكن تضمنت الأمر باحتياطها ثلاثة أشهر مع ذلك ، وحينئذ تكون سنة ويمكن إرادة المصنف الإشارة إليها ، بل في القواعد هنا « صبر عليها أقصى الحمل ، وهو سنة » مع أن مختاره فيها خلاف ذلك ، مضافا إلى عدم إشارة في النصوص المزبور أن أقصى الحمل سنة ، بل فيها ما ينافي ذلك ، ومن هنا قد اختار جماعة العمل بها تعبدا وإن لم يكن الأقصى ، بعد تنزيل الأمر حتى ما كان بلفظ الاحتياط على الوجوب الذي هو حقيقته.
ولكن فيه ما لا يخفى من البعد عن القواعد الشرعية ، إذ الفرض انحصار الارتياب فيها بالحمل المفروض كون أقصاه التسعة التي بمرورها قد علم انتفائه ، فتكتفي بالثلاثة الأشهر التي في ضمنها عدة لها ، بل المتجه حينئذ ظهور عدم كون ما زاد عليها عدة ، إذ احتمال كونها عدة لها من حيث الارتياب ودعواها الحمل وإن بان خلافه كما ترى.
وأحسن شيء تحمل عليه هذه النصوص تفاوت مراتب الأقصى ، ففي الغالب عدم تأخره عن التسعة ، وبذلك حده الشارع في جملة من الأحكام ، وربما بلغ السنة ، لكنه من الأفراد النادرة التي لا تنافي إجراء الأحكام على التسعة ، ولكن لا بأس بالاحتياط له في نحو المقام ، لشدة الأمر في الفروج.
بل لعل رواية عمار (٣) السابقة تقتضي خمسة عشر شهرا. وهذا وإن كان منافيا لما ذكرناه سابقا في كتاب النكاح لكن لا بأس بالقول به هنا ، للنصوص (٤) المزبورة المعمول بها ، خصوصا بعد حمل الأمر بالاحتياط فيها بالثلاثة على الندب الذي يتسامح فيه ، بل ربما كان في لفظ الاحتياط إشعار به ، بل أحوط منه الانتظار بها خمسة عشر شهرا لخبر عمار (٥) السابق.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب العدد.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب العدد الحديث ـ ٢.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب العدد الحديث ١.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب العدد.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب العدد الحديث ١.