قلت : هذا مؤيد لما قلناه من كون التخيير على نحو غيره من أفراده ، وليس هو بمنزلة العقود ، بل هو من التفويض والاذن في الشيء ، ولكن مع عدم التوقيت قد يفهم منه الحالية ، ومع التصريح بالمدة تعتبر هي دون ما بعدها.
وأغرب من ذلك أنه ذكر فيها أيضا « أنه يجوز له الرجوع في التخيير ما لم يتخير مطلقا ، وهو الظاهر من رواية زرارة (١) ولأنه إن كان تمليكا فالرجوع فيه قبل القبول جائز ، وإن كان توكيلا فكذلك بطريق أولى ـ ثم قال ـ : ومقتضى قوله عليهالسلام (٢) : « إن الخيار لهما » إلى آخره جواز فسخه لكل منهما في المجلس وإن وقع التخيير من كل منهما ، وهو مشكل من جانبها مطلقا ، إذ لا خيار لها في الطلاق مطلقا ، ومن جانبه لو كان بائنا ، إلا أن الأمر فيه أسهل ، لإمكان تخصيصه بالرجعي » إذ فيه أن المراد من الخيار لهما في نفس التخيير ، لا في الاختيار المتعقب للتخيير ، كما هو واضح بأدنى تأمل.
ثم ذكر فيها أيضا « أنه يشترط في هذا التخيير ما يشترط في الطلاق : من استبراء المرأة ، وحضور الشاهدين ، وغير ذلك » وفيه أن ذلك يتم بناء على أنه طلاق بالكناية ، أما على احتمال كونه سببا من أسباب الفراق فالمتجه الاقتصار على ما دل عليه نصوصه منها دون غيره.
ثم قال : « وهل يكفي سماع الشاهدين نطقهما معا أو نطقها خاصة؟ ظاهر الرواية (٣) والفتوى الأول ، وأن الفراق يقع بمجموع الأمرين ، فيعتبر سماعهما له ، وينزل حينئذ منزلة الخلع ، وإن اختلفا في كون الطلاق هنا من جانبها لا جانبه » وفيه أن ظاهر الفتاوى حصول الطلاق باختيارها وإن اشترط صحة ذلك بتخيرها ، فهو كطلاق الوكيل حينئذ ، بل وكذا لو قلنا بكونه تمليكا لها ، إذ هو
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ٧.
(٢) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ٧ وفيه « انما الخيار لها » وفي الاستبصار ج ٣ ص ٣١٣ « انما الخيار لهما ».
(٣) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ١٤ و ١٥.