ولو قال : « أنا منك طالق » لم يصح بلا خلاف أجده فيه بيننا ولا ( إشكال لـ ) لأصل ولمنافاته لأدلة الحصر التي سمعتها ، المؤيدة بظهور الكتاب في أنه ليس محلا للطلاق وأن الزوجة محله ، كما هو ظاهر قوله تعالى ( وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ) (١) ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ ) (٢) ( وَالْمُطَلَّقاتُ ) (٣) ( فَإِنْ طَلَّقَها ) (٤) وغير ذلك فما عن بعض العامة ـ من جعله كناية موجها له بأن النكاح يقوم بالزوجين ، فيجوز إضافة الطلاق إلى كل منهما ـ واضح الضعف.
ولو قال : أنت طالق نصف طلقة أو ربع طلقة أو سدس طلقة أو نحو ذلك لم يقع ، لأنه لم يقصد الطلقة التي هي أقل ما تقع إذا كان المراد بالضميمة تفسير ما قصده بالطلاق لا مع التجدد ، فتكون حينئذ منافية للقصد ولأدلة الحصر وغير ذلك ، وما عن العامة ـ من صحة وقوعه بجميع الأجزاء إلغاء للضميمة ، أو للسراية التي لا دليل عليها هنا ، بل الأدلة على خلافها ـ واضح الفساد.
ولو قال : أنت طالق ثم قال : أردت أن أقول طاهر قبل منه ظاهرا إجماعا محكيا عن الخلاف إذا كانت في العدة كما عن المبسوط ولو بائنة لما عرفته سابقا من قبول قوله في قصده الذي لا يعلم إلا من قبله ، ومقتضى الأصل عدمه مع اعترافه بالقصد إلى اللفظ ، فضلا عن المقام الذي دعواه عدم القصد إلى اللفظ ، بل منه يعلم عدم الفرق في دعوى الغلط بين قوله : « أردت أن أقول طاهر » أو نحوه مما هو قريب إلى « طالق » وغيره إلا مع العلم بفساد الدعوى.
وعلى كل حال فالمراد القبول في الظاهر ودين في الباطن بنيته فلا تحل له واقعا إلا مع صدقه وإن قبل ظاهرا بيمينه مع عدم موافقة المرأة له في ذلك كما عرفت الكلام في ذلك كله مفصلا.
وكأن عدم تقييد المصنف هنا وغيره بالعدة مبنى على ما تقدم سابقا ، ولذا كان المحكي عن المبسوط حصر قبوله هنا في العدة.
بل الظاهر عدم الفرق في دعوى الغلط بين متقارب الحروف كطاهر وطالق ونحوهما
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ الآية ٢٣١.
(٢) سورة البقرة : ٢ الآية ٢٣٧.
(٣) سورة البقرة : ٢ الآية ٢٢٨.
(٤) سورة البقرة : ٢ الآية ٢٣٠.