والفاسد بمعنى واحد ، غاية الأمر في الصحيح حيث أنّ المتعاملين عيّنا ضمان كلّ واحد من العوضين في الآخر والتزما بذلك ، وأمضى الشارع هذه المعاوضة والالتزام من الطرفين فيجب على كلّ واحد منهما الوفاء بالتزامه.
وأمّا في الفاسد حيث أنّ الشارع لم يمض تلك المبادلة وذلك الالتزام الذي التزم به الطرفان فلا يجب الوفاء ، فلا يبقى محلّ ومجال لضمان المسمّى. فإن دلّت هذه القاعدة ـ كما هو مفادها ـ أنّ في الفاسد أيضا ضمان فلا بدّ وأن يكون هو الضمان الواقعي أي المثل أو القيمة بعد تعذّر المثل أو تعسّره ، فالضمان في الفاسد على تقدير ثبوته بعد تلف المقبوض بالعقد الفاسد بالمثل أو القيمة يكون على طبق القاعدة.
وخلاصة الكلام أنّ مفاد هذه القاعدة هو أنّ المقبوض بالعقد الفاسد أو بالإيقاع الفاسد بناء على التعميم لا يذهب هدرا ، بل مضمون على القابض بمعنى أنّ نفس المقبوض والمأخوذ بوجوده الاعتباري في عهدة القابض وفي ذمّته ولا يفرغ إلاّ بأدائه إلى صاحبه ، وأداؤه ما دام كان المال المأخوذ موجودا يكون بأداء نفس العين المأخوذة ، ومع تلفه فبالمثل إن كان مثليّا وبالقيمة إن كان قيميّا.
فما ذكره ابن إدريس من أنّ المقبوض بالعقد الفاسد يجري مجرى الغصب عند المحصّلين إلاّ في الإثم (١) لا يخلوا من وجه.
ومدرك هذا الحكم الكلّي هي قاعدة على اليد ، أي قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « وعلى اليد ما أخذت حتّى تؤدّي » وفي بعض النسخ « حتى تؤدّيه » وقد تقدّم في الجهة الأولى كيفيّة دلالة الحديث الشريف على الضمان ، نعم فيما إذا كان صاحب المال المقبوض أعطاه مجّانا بحيث لو كان هذا العقد الفاسد فعلا صحيحا لما كان على القابض شيء ولم يكن ضامنا لا بالمسمّى ، لأنّه ليس مسمّى في البين على الفرض ، ولا بالضمان الواقعي ، لأنّه لا سبب للضمان إلاّ ما ربما يتخيّل من كونه هي اليد التي جعلها صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحديث سببا
__________________
(١) « السرائر » ج ٢ ، ص ٣٢٦ وص ٤٨٨.