ثمَّ إنّ شيخنا الأعظم قدس سرّه ذكر في هذا المقام أنه يمكن النقض أيضا بالشركة (١). والظاهر أنّ مراده شركة الأموال بعقد الشركة ، فيكون النقض عبارة عن أنّ أحد الشريكين مثلا في الشركة الصحيحة لو تصرّف في المشترك وصار تحت يده ـ كما هو المتعارف عند الشركاء ـ فتلف ذلك المال من دون تعدّ وتفريط لا يكون ذلك الشريك ضامنا لحصّة شريكه الآخر ، وهذا مقتضى صحّة عقد الشركة. وأمّا لو لم يكن العقد صحيحا وكانت الشركة فاسدة فيكون ذلك الشريك ضامنا ، لقاعدة « وعلى اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه » ولا بدّ من فرض التلف في صورة عدم إذن ذلك الشريك الآخر في التصرّف ، فلا إذن من طرف المالك ، ولا أنّ جواز التصرّف مقتضى عقد الشركة ، فلا يكون المال لا أمانة مالكيّة ولا أمانة شرعيّة ، فتكون اليد يد ضمان.
وهذا بخلاف الصحيح فإنّه وإن لم يكن إذن من طرف الشريك حتّى يكون المال عنده أمانة مالكيّة ولكن الإذن من طرف الشارع بمقتضى صحّة عقد الشركة ، فيكون من قبيل الأمانة الشرعيّة ، فلا ضمان ، فلا تكون القاعدة مطّردة.
وفيه : أنّ هذا مبني على جواز التصرّف بصرف حصول الشركة الصحيحة وإن كان بدون إذن الشريك الآخر ، وهو لا يخلو من إشكال.
وممّا يمكن أن يكون نقضا على الكلّية الإيجابيّة التي نسمّيها بالأصل مقابل الكلّية السلبيّة التي نسميها بالعكس هو النكاح الدائم أو المتعة الفاسدين إذا كان الزوج جاهلا بالفساد من جهة الموضوع وكانت المرأة عالمة به ، فقالوا إنّ الزوج في مثل المفروض لا يضمن المهر ، مع أنّه لو كان العقد صحيحا كان يضمن قطعا.
وقد يجاب أوّلا : عن هذا النقض بأنّ هذا المفروض خارج عن محلّ البحث ومورد القاعدة ، لأنّ موردها العقود المعاوضيّة التي يقع العوض فيها تحت اليد ، وما نحن فيه من مورد النقض ليس كذلك وليس من العقود المعاوضيّة أوّلا ، وعلى
__________________
(١) « المكاسب » ص ١٠٣.