المشتري كما هو مورد الروايات بناء على اختصاص خيار الحيوان بالمشتري فيما إذا كان المبيع حيوانا كما هو المشهور فلا يبقى مجال للتأمّل والنظر وقهرا تنفسخ المعاملة ، ويرجع الثمن إلى ملك من له الخيار أي المشتري ، ويذهب الثمن من كيس من ليس له الخيار أي البائع.
وحاصل ما ذكرنا : أنّ ملكيّة ذي الخيار لما دخل في ملكه بسبب المعاملة متزلزل ، وكذلك خروج ما خرج متزلزل متوقّف على بقاء ما دخل في ملكه ، فإذا وقع عليه التلف فقهرا تنفسخ المعاملة ، ولا يبقى مورد للتأمّل والنظر حتّى يختار الفسخ أو الإبرام ، فحكمة جعل الخيار في الحيوان ثلاثة أيّام ، أو جعل الخيار والشرط من نفس المتعاقدين تقتضي أن يكون الضمان ـ أي المسمّى ـ ينتقل ثانيا ممّن ليس له الخيار إلى الذي له الخيار.
وفيه : أنّ هذا صرف استحسان لا يمكن أن يكون منشأ للحكم الشرعي. ومقتضى القواعد الأوّليّة ـ حيث أنّ المعاملة بالقبض تمّت وصار المبيع ملكا تامّا للمشتري وتلف في يده ـ أن لا يكون ضمان في البين أصلا ، ولا يكون المشتري ولا غيره ضامنا ، أمّا المشتري فلأنّ ماله تلف في يده على الفرض ، والإنسان لا معنى لأن يكون ضامنا لنفسه بواسطة تلف ماله عنده. وأمّا غيره ـ أي البائع ـ لأنّ غيره أجنبي هاهنا فمن جهة أنّ المعاملة والمعاوضة تمّت ومال كلّ واحد منهما انتقل إلى الآخر بعوض مال الآخر وما انتقل إلى المشتري تلف في يده فالبائع أجنبي عنه ، فلا وجه لأن يكون ضامنا لتلف مال شخص آخر في يد نفس ذلك الشخص.
نعم كان لذلك الشخص الآخر ـ أي المشتري مثلا وفي المفروض ـ خيار الفسخ لو كان يعمله وكان يفسخ لكان الثمن يرجع إليه ، وأين هذا من ضمان البائع بصرف التلف ومن دون الفسخ.