إلى الأمر ، لأنّ التقرّب المعتبر في العبادة لا يحصل إلاّ بقصد الأمر بأنّ قصد المصلحة كاف في تحقّق العبادة.
وإمّا أن يكون الداعي ما هو واقع في سلسلة معاليل الأمر ، سواء أكان من الأمور الأخرويّة ، كتحصيل الدرجات المترتّبة على العبادة ، أو الفرار عن الدركات المترتّبة على عدمها ، أو كان من الأمور الدنيوية ، كسعة الرزق ، أو برئ مرض وأمثال ذلك.
وأمّا إن كان المحرّك لا يرجع إلى أحد هذه الثلاثة ـ بل كان أمرا دنيويّا أجنبيّا عن العبادة بالمرّة ـ فلا يمكن تحقّق الإخلاص والعبادة بمثل هذا الداعي ، فتصحيح أخذ الأجرة على الواجب العبادي على الأجير وعدم منافاته للإخلاص ـ بأنّه من قبيل الداعي على الداعي ـ ممّا لا يمكن المساعدة عليه. ويقول شيخنا الأستاذ قدس سرّه : عدّ هذا إشكالا أولى من عدّه جوابا عن الإشكال (١).
ومنها : أنّ فعل النائب والأجير فعل تسبيبي للمستأجر ، وبعبارة أخرى : العمل الصادر من الأجير له نسبتان : نسبة إلى الأجير باعتبار أنّه مباشر له ، ونسبة إلى المستأجر باعتبار أنّه مسبّب له ، فيصحّ إسناد العمل إلى كلّ واحد منهما وأن يقال لكلّ واحد منهما : أنّه فاعل لهذا العمل ، فله فاعلان : فاعل تسبيبي ، وفاعل مباشري. وفي وقوع الفعل على صفة العبادية يحتاج إلى قصد القربة من الفاعل ، وهاهنا حيث لا يمكن قصد التقرب من الفاعل المباشر فيقصد الفاعل الآخر ، أي الفاعل المسبّب أعني المستأجر.
وهذا الجواب أيضا لو صحّ لا اختصاص له بباب النيابة ، بل يجري فيما إذا كان العمل المستأجر عليه هو الواجب على نفس الأجير.
وفيه : أنّ حديث وقوع العمل الصادر عن الأجير بصفة العبادية بواسطة صدور قصد القربة من المستأجر من أعجب الأعاجيب ، لأنّ العمل الذي يصدر من الفاعل
__________________
(١) « منية الطالب » ج ١ ، ص ١٧.