أي : إعطاء العوض بإجارة أو جعالة أو غيرهما ـ فرض عدم جواز أخذ الأجرة خلف.
والجواب عنه : أنّه كيف يمكن أن يكون الوجوب مشروطا بما ينافيه ويضادّه؟
فلا بدّ من رفع المنافاة والمضادّة بينهما أوّلا ، ثمَّ القول باشتراط الوجوب بالعوض بإجارة أو غيرها.
والتحقيق في الجواب عن هذا الإشكال هو أنّ الوجوب تارة يتعلق بفعل المكلف بالمعنى المصدري ، وأخرى يتعلّق به بالمعنى الاسم المصدري.
بيان ذلك : أنّه لو تعلّق الوجوب بجهة إصدار فعل عن المكلّف لا بما هو الصادر ـ أي كان المطلوب منه والذي يلزم به هو أن يصدر عنه هذا الفعل وأن لا يمتنع عن الاشتغال به ، وإلاّ فنفس الفعل وذاته يقع للفاعل ولا يخرج بهذا الطلب عن حيطة سلطانه ـ فلا يمنع عن أخذ الأجرة عليه ، لأنّ المفروض أنّ المطلوب في هذا القسم هو اشتغال المكلّف بالفعل وعدم امتناعه عنه ، وهذا هو الذي ألزم به ، فما خرج عن تحت قدرته في عالم التشريع ليس إلاّ صرف الاشتغال وعدم الامتناع عن العمل ، وأمّا نفس العمل الصادر فليس بمطلوب ، فلم تخرج عن ملكه وحيطة سلطانه ، فيكون وجوب هذا القسم من الأعمال في باب الأعمال كوجوب بيع الحنطة مثلا وعدم جواز احتكاره في باب الأموال ، فكما أنّه هناك وجوب صدور البيع وعدم جواز الاحتكار لا يخرج الحنطة عن ملكه وحيطة سلطانه ، فكذلك هاهنا وجوب صدور العمل عنه لا يخرج ذات العمل عن ملكه وسلطانه ، فيجوز أخذ العوض على العمل الصادر ، لا على جهة الإصدار.
فما هو الواجب شيء ـ أي جهة الإصدار والمعنى المصدري ـ وما هو يؤخذ العوض عليه شيء آخر ، أي نفس الصادر والمعنى الاسم المصدري.
هذا كلّه فيما إذا تعلّق الوجوب بالمعنى المصدري ، كجميع الواجبات النظاميّة التي