قسم من أقسام المعاوضة ، وأمّا المباح والمكروه فلا مانع من التكسّب بهما أصلا.
وأمّا المستحب : فالتحقيق فيه أنّه إن كان تعبديّا بالمعنى الأخصّ ـ يعني كان تحقّقه وامتثاله متوقّفا على إتيانه بقصد القربة ـ فلا يجوز أخذ العوض أيضا عليه ، لما ذكرنا في الواجب من منافاته مع الإخلاص المعتبر فيه فلا نعيد.
وأمّا إن لم يكن كذلك ، بل كان توصّليّا يمكن أن يؤتى به بدون قصد القربة فلا وجه لعدم جواز المعاوضة عليه ، وذلك كمسألة نيابة شخص عن غيره في عمل مستحبّ أو واجب على ذلك الغير فيما إذا كانت النيابة عن الغير في تلك الأعمال مستحبّة ولكن لا يكون تعبّديّا ، بل كان يمكن أن يجعل نفسه نائبا عن غيره في عمل بدون قصد القربة وإن كان يمكن أن يقصد القربة ويستحقّ الثواب ، لكن ذلك ليس بلازم ، بل ذلك بأيّ داع كان سواء أكان بداعي التقرب أو بداعي أخذ الأجرة ، فحينئذ لا وجه للقول بعدم جواز أخذ الأجرة عليه ، لأنّ المفروض أنّه ليس تعبّديّا حتّى يكون أخذ الأجرة منافيا للإخلاص ، ولا بواجب كي يكون مقهورا ومجبورا بالإتيان في عالم التشريع فيكون خارجا عن تحت قدرته تشريعا ، فلا يكون واجدا لأحد شروط صحّة الإجارة كما تقدّم الكلام فيه في الإجارة على الواجبات مفصّلا.
نعم ربما يتوهّم في باب النيابة في العبادات إذا استؤجر عليها إشكال آخر لا ربط له بمسألة أخذ الأجرة على المستحبّات التوصّليّة ، وهو أنّ النيابة في العمل العبادي إذ وقعت متعلّقة للإجارة ، فقهرا يكون نفس العمل العبادي أيضا داخلا في المستأجر عليه باعتبار كونه قيدا ومتعلّقا للنيابة الخاصّة ، فيكون أخذ الأجرة عليه منافيا للإخلاص.
ونحن دفعنا هذا الإشكال فيما تقدّم في الفرق بين أخذ الأجرة على ما هو واجب على نفس الأجير ، وبين ما هو كان واجبا على الغير وهو يأتي بالعمل بعنوان النيابة عنه ، بعدم الجواز في الأوّل ، والجواز في الثاني فلا نعيد.