وأمّا مسألة تتالي الشكوك الذي قاس شيخنا الأستاذ قدس سرّه المقام به (١) فليس من قبيل ما نحن فيه ، لأنّها من قبيل تبدّل الشكّ الأوّل وانقلابه إلى شكّ آخر بعد زوال الشكّ الأوّل ، وما نحن فيه الشك الأوّل موجود ، وهذا الشكّ الثاني من لوازم الشكّ الأوّل.
والإنصاف أنّ هذه المقايسة من شيخنا الأستاذ قدس سرّه غريب.
الثالث : تنقيح المناط ، بمعنى العلم بأنّ المقصود من صلاة الاحتياط هو تدارك ما فات على تقدير فوته بعد البناء على الأكثر ، لكونه في الواقع هو الأقلّ.
وقد جوّز الشارع وخيّر المكلّف بين تدارك كلّ ركعة بركعة من قيام مثل ما فات ، وبين تدارك كلّ ركعة بركعتين من جلوس.
فإذا صرّح الشارع في مورد بمثل هذا التخيير ـ كما أنّه صرّح في الشكّ بين الثلاث والأربع في مرسل جميل ـ نعلم بعدم خصوصيّة لذلك المورد ، بل طريق تدارك ما فات أحد الأمرين.
ومرسل جميل عن الصادق عليهالسلام هو هذا : قال فيمن لا يدري أثلاثا صلّى أم أربعا ووهمه في ذلك سواء؟ قال عليهالسلام : « إذا اعتدل الوهم في الثلاث والأربع فهو بالخيار ، إن شاء صلّى ركعة وهو قائم ، وإن شاء صلّى ركعتين وأربع سجدات وهو جالس » (٢).
فبناء على هذا لا فرق في التخيير في صلاة الاحتياط بين ركعتين من جلوس وبين ركعة من قيام ، بين أن يكون الشكّ بين الثلاث والأربع وبين أن يكون بين الاثنتين والثلاث ، لوحدة المناط والملاك.
ولكن أنت خبير بأنّ تنقيح المناط لا يفيد إلاّ في مورد القطع بالمناط والملاك ، وإلاّ لا يخرج عن كونه قياسا باطلا.
__________________
(١) « كتاب الصلاة » ج ٣ ، ص ٩٢.
(٢) « الكافي » ج ٣ ، ص ٣٥٣ ، باب السهو في الثلاث والأربع ، ح ٩ ، « تهذيب الأحكام » ج ٢ ، ص ١٨٤ ، ح ٧٣٤ ، باب أحكام السهو في الصلاة ... ، ح ٣٥ ، « وسائل الشيعة » ج ٥ ، ص ٣٢٠ ، أبواب الخلل في الصلاة ، باب ١٠ ، ح ٢.