ودلالة هذه الروايات على أصل الحكم ـ أي البناء على الأكثر ، أي الأربع هاهنا ـ واضحة ، ولا خلاف فيه أيضا إلاّ من ابن الجنيد (١) فإنّه جوّز البناء على الأقلّ ، وليس له دليل على هذا التخيير إلاّ تخيّل أنّه مقتضى الجمع بين الأخبار الدالّة على البناء على الأقلّ والأخبار التي تدلّ على البناء على الأكثر.
وأنت خبير بما في هذا الكلام ، وأنّ أخبار البناء على الأقلّ محمولة على التقيّة ، ومعرض عنها عند المشهور ، بل عرفت ادّعاء الإجماع عن الغنية والانتصار على خلافها في خصوص هذا المورد.
فالإنصاف أنّ أصل الحكم ـ أي : البناء على الأكثر وتدارك ما احتمل فوته بصلاة الاحتياط ـ ممّا لا ينبغي أن يشكّ فيه.
نعم وقع الخلاف في كيفيّة صلاة الاحتياط من حيث الكميّة ، ومن حيث الترتيب بين الركعتين قائما والركعتين جالسا.
أمّا الأوّل أي الاختلاف من حيث الكميّة ، فقد عرفت أنّ المشهور هو ركعتين من قيام وركعتين من جلوس.
ومقابل هذا القول ما عن الصدوق (٢) ووالده (٣) ـ قدس سرّهما ـ وقوّاه الشهيد قدس سرّه أيضا في الذكرى (٤) من حيث الاعتبار ركعة من قيام بدل ركعتين.
ودليلهم على هذا القول أمران :
الأوّل : موافقته للاعتبار ، ومن هذه الجهة قوّاه الشهيد ، وهو أنّه كما أشرنا إليه أنّ الاحتمالات في هذا الشكّ منحصرة في الثلاثة ، لأنّه إمّا صلّى اثنتين أو ثلاثا أو أربعا ، فإن صلّى أربعا فصلاته من حيث عدد الركعات تامّة لا يحتاج إلى التدارك وصلاة
__________________
(١) « مختلف الشيعة » ج ٢ ، ص ٣٨٢.
(٢) حكى عنه في « مختلف الشيعة » ج ٢ ، ص ٣٨٤.
(٣) « فقه الرضا » ص ١١٨.
(٤) « ذكري الشيعة » ص ٢٢٦.