معرفة عدد الركعات ، وذلك من جهة أنّ الظنّ والشكّ بناء على هذا مختلفان موضوعا وحكما ، أمّا موضوعا فواضح ، وأمّا حكما فلأنّ حكم الشكّ هو البناء على الأكثر ، وحكم الظنّ هو الجري على طبق المظنون وعدم الاعتناء بالاحتمال المرجوح ، ولا فرق في لزوم الجري على طبق المظنون أن يكون هو الأقلّ أو يكون هو الأكثر.
فلا بدّ أن يفحص عمّا في خزانة نفسه ويفتّش حتّى يتبيّن الحال وأنّ وظيفته هل هو البناء على الأكثر أو الجري على طبق الظنون؟ سواء أكان هو الأقلّ أو الأكثر ، لأنّه لا معنى لترتّب الحكم بدون معرفة الموضوع. هذا في الركعتين الأخيرتين ، وأمّا في الركعتين الأوليين حيث أنّ الشكّ فيهما مبطل.
ومن المعلوم أنّ مبطليّته ليس بمحض حدوثه ، بل يكون مراعى ببقائه فإن زال وانقلب إلى العلم أو إلى الظنّ ـ بناء على حجيّة الظنّ في عدد الركعات حتّى في الأوليين ـ فليست الصلاة باطلة ، فالشكّ في زواله يكون شكّا في القدرة على الإتمام ، كما أنّه لو علم بزواله يعلم بأنّه قادر على الإتمام فيمضي في صلاته وكما أنّه لو كان عالما بعدم الزوال فتكون باطلة ولا يجب الفحص ، بل لا معنى للفحص مع العلم في الصورتين ، أي في كلتا صورتي العلم بالزوال والعلم بعدم الزوال.
وأمّا في صورة عدم العلم بكلا الأمرين واحتماله للزوال وعدمه ، فهو شاكّ في أنّه قادر على الإتمام أم لا. وفي باب الشكّ في القدرة لا بدّ وأن يشتغل بالمأمور به ويفخص حتّى يتبيّن الحال. وهذا حكم العقل في باب الشكّ في القدرة.
فظهر ممّا ذكرنا أنّه فرق في لزوم التروّي وعدمه بين الركعتين الأوليين والركعتين الأخيرتين ، وأنّ للتروّي معنيين ، وأنّه لازم بمقدار الصدق العرفي وهو أن لا يكون سريع الزوال بل يحتاج في الصدق العرفي إلى استقراره ، وأنّ التروّي بمعنى الفحص عن أنّ ما في خزانة نفسه هل هو ظنّ أو شكّ هو لازم إلى أن يحصل له أحد الأمرين ، أي كونه ظنّا أو شكّا ليرتّب عليه حكمه من البناء على الأكثر أو الجري على طبق