واحد منهما لها يكون حفظا للآخر ، وهذا بخلاف الأفعال ، فإنّه بناء على عدم لزوم المتابعة في الأقوال والأفعال مع بقاء الاقتداء والجماعة فيمكن أن تكون السجدة الأولى لأحدهما والثانية للآخر.
وفيه : أنّ المراد بوحدة الركعة التي يقتدي فيها المأموم مع الركعة التي يوجدها الإمام إن كان أنّ ما يصدر من الإمام واحد مع ما يصدر من المأموم بصرف أنّه يتبعه في القيام والركوع فهذا واضح البطلان.
وإن كان المراد وحدتهما من حيث مرتبة العدد مثلا ثالثة الإمام وثالثة المأموم ، فهذا قد يكون وقد لا يكون ، لأنّه قد يكون ثالثة الإمام أو رابعته والثانية أو الأولى من المأموم ، كما أنّه لو اقتدى به والإمام في الثالثة ، فيكون الأولى للمأموم والثالثة للإمام ، وما بعدها الرابعة للإمام والثانية للمأموم ، فلا يمكن التفرقة بين الركعات والأفعال من هذه الجهة والقول بالرجوع في الأوّل دون الثاني.
كما أنّه لا وجه للاستدلال للعموم وشمول الأفعال كالركعات بوحدة الملاك والمناط فيهما بأن يقال : مناط الرجوع في الركعات هو محفوظيّة الركعات عند الآخر فكأنّه حفظ الآخر علّة لرجوع الشاك منهما إليه ، والعبرة بعموم العلة لا بسعة الموضوع وضيقه.
لأنّ هذا الكلام صحيح فيما إذا كان الكبرى المجعول والملقى إلى المكلّف هي العلّة ، وإنّما يلقى إليه الأعمّ أو الأخصّ من العلّة لنكتة ، إمّا لأهميّة ذلك الفرد أو الصنف الملقى ، أو لخفاء مصداقيّته للعلّة ، أو لنكتة أخرى ، فقوله : « لا تشرب الخمر لأنّه مسكر » ففي الحقيقة الكبرى الملقى إلى الطرف لا تشرب المسكر ، وهذا في مقام الإثبات لا بدّ وأن يكون إمّا منصوص العلّة بقوله « لأنّه » أو قوله « فإنّه » ، أو كان تنقيح المناط قطعيا الذي يقال له المستنبط العلّة ، وفيما نحن فيه ليس إلاّ صرف استحسان.
وبعبارة أخرى : يكون من باب تخريج المناط الظنّي ، فيكون حاله حال القياس ،