الآخر ، كان حسب أخبار الباب ـ هو حفظ الآخر سهو الشاكّ عليه ، والظاهر أنّ المراد من حفظ سهوه عليه هو اليقين فيما شكّ فيه.
فإذا شكّ شخص بين عددين مثل الثلاث والأربع ، أي يحتمل أن يكون المعدود ثلاثا ، ويحتمل أن يكون أربعا ، فإذا كان الشاكّ تروى ولم يجزم بأحد المحتملين ، أي بقي على احتماليه ، فإذا كان هناك من يعلم بأنّ ما أتى به هو المحتمل الفلاني مثلا هو الثلاث أو هو الأربع جزما ولا ترديد عنده ، فهذا معنى حفظ سهوه عليه ، بحيث لو كان إخباره حجّة للشاكّ يخرج عن ترديده ويجزم جزما تعبديا بأحد المحتملين.
وبعبارة أخرى ، الشكّ عبارة عن عدم الجزم بثبوت النسبة التي بين المحمول والموضوع في القضيّة ، سواء أكانت القضيّة سالبة أو موجبة ، فمعنى الشكّ في عدد الركعة التي بيد المصلي مثلا في أنّها رابعة أي غير جازم بأنّها رابعة ويحتمل أن يكون خامسة ، فيكون الشكّ بين الأربع والخمس ، أو يحتمل أن تكون ثالثة فيكون الشكّ بين الثلاث والأربع ، وإذا احتمل أن تكون خامسة أو ثالثة فيكون الشكّ بين الثلاث والأربع والخمس ، وهكذا صعودا ونزولا.
ومعنى حفظ هذا الشكّ على صاحبه هو الجزم بأحد طرفيه ، أو أحد أطرافه ، ففي المثل الذي ذكرنا أنّ الإمام مثلا إذا شكّ بين الثلاث والأربع فمعنى حفظ شكّه عليه أنّ الحافظ يجزم بأحد محتمليه ، أي يجزم بأنّه مثلا ثلاث أو يجزم بأنّه أربع بحيث أنّه لو كان اعتقاده في هذه القضيّة اعتقاد الحافظ كان يجزم بأحد المحتملين ويذهب شكّه.
والحاصل : أنّ معنى حفظ سهوه عليه هو الجزم بتلك النسبة التي كان هو مرددا فيها ، وأين هذا من أن يشكّ في المثل المذكور ، أي فيما إذا شكّ الإمام بين الثلاث والأربع والمأموم بين الأربع والخمس فيقال بأنّه يعلم بأنها ـ أي الركعة المشكوكة ـ ليست ثالثة ، والإمام يعلم بأنّها ليست خامسة ، فكلّ واحد منهما يرجع في أحد محتمليه إلى الآخر كي يثبت بواسطة رجوع كلّ واحد منهما إلى الآخر أنّ الركعة