وأما ما يقال : من أن قوله عليهالسلام في صحيحة زرارة والفضيل : « الصلوات فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنها سنة » (١) وأمثاله يدل على استحباب في جميع الصلوات كلها إلا ما خرج بالدليل وهي النافلة.
ففيه أولا : أن هذه الصحيحة المراد من الصلوات فيها خصوص الفرائض اليومية ، وإن كانت في حد نفسها من ألفاظ العموم ، لأنه جمع معرف بالألف واللام لقوله عليهالسلام في صدر الحديث « الصلوات فريضة ».
ومعلوم أن المراد بها فرائض اليومية ، لأن جميع الصلوات ليست بفريضة قطعا ، فالمراد بها في قوله عليهالسلام : « وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها » أيضا هي اليومية.
ومعلوم أن الاستدراك بكلمة « ولكنه سنة » بعد نفي الوجوب عن الاجتماع في اليومية إثبات كونه سنة فيما نفى عنه الوجوب ، وقد عرفت أنها اليومية.
وثانيا : أن الإطلاقات ، سواء أكانت في هذه الرواية أو في غيرها ـ كما في صحيحة ابن سنان : « الصلاة في جماعة تفضل على كل صلاة الفرد بأربعة وعشرين درجة » (٢). مسوقة لبيان تشريع الجماعة وفضلها وكثرة ثوابها ، وليس في مقام بيان أنها في أي نوع من الصلاة مشروعة.
وثالثا : لا شك في ورود روايات معتبرة مستفيضة على عدم مشروعية الجماعة في النافلة ، وصلاة الاحتياط ـ على تقدير عدم النقص في الصلاة الأصلية ـ نافلة ، ووجوب الإتيان بها ليس لأنها واجبة على كل حال ، بل لتحصيل اليقين بامتثال ذلك الواجب الأصلي ، ولذلك عبر عنها في الأخبار بالبناء على اليقين.
__________________
(١) « الكافي » ج ٣ ، ص ٣٧٢ ، باب فضل الصلاة في الجماعة ، ح ٦ ، « تهذيب الأحكام » ج ٣ ، ص ٢٤ ، ح ٨٣ ، باب فضل الجماعة ، ح ٢ ، « وسائل الشيعة » ج ٥ ، ص ٣٧١ ، أبواب صلاة الجماعة ، باب ١ ، ح ٢.
(٢) « تهذيب الأحكام » ج ٣ ، ص ٢٥ ، ح ٨٥ ، باب فضل الجماعة ، ح ٤ ، « وسائل الشيعة » ج ٥ ، ص ٣٧٠ ، أبواب صلاة الجماعة ، باب ١ ، ح ١.