فقد عرفت أن ظاهرها هو البناء على الصرفة. وأما المرسلة فقد عرفت أن ظاهرها تعين البناء على الأقل ، وأما تعين البناء على الأكثر فليس له أثر في الأخبار إلا إذا كان فيه الصرفة.
والإنصاف : أنه لو لم يكن هذا الإجماع على التخيير كان المتعين هو الأخذ بالصرفة الذي هو مفاد الصحيحة ، لأن المرسلة وإن كان لا ينكر ظهورها في تعين البناء على الأقل ، إلا أن مخالفتها للشهرة بل الإجماع المحقق توجبها ضعفا على ضعف ، فلا يمكن الالتزام بمؤداها.
وأما قوله عليهالسلام في حسنة البختري « لا سهو في النافلة » فلا تعارض له مع مفاد الصحيحة ، أي الأخذ بالصرفة ، لأنه في مقام نفي حكم الشك لا البناء على خصوص الأقل أو الأكثر. ولكن هذا الإجماع المحقق على التخيير يمنع عن تعين الأخذ بالأقل أو الأكثر وإن كان فيه الصرفة.
وربما يقال : إن المراد من « لا سهو في النافلة » أو قوله عليهالسلام « ليس عليه شيء » أي ليس عليه الإعادة ـ من جهة الحكم بالبطلان ، كما هو كذلك في جملة من موارد الشك في الفريضة التي حكم فيها ، ببطلان ما وقع الشك فيها كفريضة الصبح والمغرب ، أو الذي لا يدري أنه كم صلى ـ أو أنه ليس عليه جبر مع البناء على الأكثر ، أي يبني على الأكثر وليس عليه صلاة الاحتياط ، مثلا لو شك بين الواحد والاثنين فيبني على الاثنين بدون تدارك ما احتمل فوته ، أي الركعة الثانية بالركعة المنفصلة احتياطا ، كما أنه كان يجب الاحتياط في الفريضة.
واحتمل أن الكليني قدسسره فهم ـ من صحيحة محمد بن مسلم ـ عن أحدهما قال : سألته عن السهو في النافلة؟ قال عليهالسلام : « ليس عليه شيء أو في نسخة أخرى : ليس عليه سهو » هذا المعنى ، أي ليس عليه الجبر بصلاة الاحتياط ويجب البناء على الأكثر فقط ، بخلاف الفريضة ، لأن فيها الجبر ويجب فيها البناء على الأكثر أيضا.