ووقوعه ، والبناء على الأقلّ بمعنى عدم الإتيان بالمشكوك (١).
وحكى عن الشهيد في ذكري أيضا أنّ عدم اعتناء كثير الشكّ بشكّه رخصة فيجوز أن يعمل على مقتضى الشكّ فيتلافى إن كان في المحلّ مثلا (٢).
ولكن أنت خبير بأنّ التخيير ينافي ظاهر هذه الروايات ، حيث أنّه عليهالسلام أمر بالمضي في صلاته ، والأمر ظاهر في الوجوب ، خصوصا مع هذا التعليل وأنّ المضي وعدم الاعتناء بالشكّ رغما لأنف الشيطان وعصيان له وإذا عصى لا يعود ، ونهيه عليهالسلام عن تعويده بالاعتناء بالشكّ وأنّه إذا عصى لا يعود لأنّ الخبيث يريد أن يطاع فلا يعود إذا عصى ، ونهيه عليهالسلام عن الإتيان بالمشكوك بقوله : « لا يسجد ولا يركع ويمضي في صلاته حتّى يستيقن يقينا » في خبر ابن سنان.
والحاصل : أنّ هذه الروايات لها ظهور تامّ في تعيّن المضي ووجوب عدم الاعتناء بالشكّ ، وآبية عن التخيير بأيّ معنى كان ممّا ذكرنا ، فما أفاده المقدّس الأردبيلي ـ ونسب إلى الشهيد في ذكري وإلى المحقّق الثاني في رسالته السهويّة ـ ممّا لا يمكن الموافقة معهم ، وليس كما ينبغي. والإنصاف أنّه لا إشكال ولا غبار في دلالة هذه الروايات على هذه القاعدة ، أي عدم الاعتناء بشكّ كثير الشكّ.
ثمَّ إنّه بناء على وجوب المضي وعدم الاعتناء بالشكّ إذا كان كثير الشكّ لو أراد أن يتلافى المشكوك المحتمل العدم وأتى به ، فالظاهر بطلان صلاته ، لأنّه زيادة منهيّة عنها في الصلاة ، إلاّ أن يكون المشكوك المحتمل العدم من الأشياء التي يجوز فعله في الصلاة لكن لا بقصد الجزئيّة ، بل يأتي بها بقصد القربة المطلقة ، فالمتعيّن هو عدم الاعتناء بالشكّ والمضي في الصلاة بأن يبني على وجود المشكوك إن كان من الأجزاء والشرائط ، وعلى عدمه إنّ كان من الموانع ، لأنّ هذا المعنى هو المتفاهم العرفي وما هو
__________________
(١) « جواهر الكلام » ج ١٢ ، ص ٤١٧.
(٢) « ذكري الشيعة » ص ٢٢٣.