الاعتناء بالشكّ ولو كان كثير الشكّ ، بل الحكم بالاعتناء والإعادة في نفس مورد كثير الشكّ.
لكنّه ليس كذلك ، إذ المراد بهذه الجملة يمكن أن يكون أنّ الرجل ليس ممن يحفظ عدد الركعات دائما ، بل يشكّ كثيرا باعتبار الوقائع المتعدّدة ، مثلا في كلّ أسبوع يشكّ في عدد ركعات صلاته مرّتين وإن كان لا يصل إلى حدّ يتّصف بعنوان أنّه كثير الشك عرفا ، وأنّه يشكّ في صلاة واحدة ثلاث مرّات ، أو يشكّ في ثلاث صلوات متواليات في كلّ واحد منها مرّة واحدة.
فإذا كانت الكثرة في صدر الرواية بهذا المعنى فلا تنافي بين صدر الصحيحة وذيلها حيث يحكم عليهالسلام في الصدر بوجوب الإعادة في موضوع كثير الشكّ ، ويحكم في الذيل بعدم الاعتناء بالشكّ والمضيّ في صلاته أيضا في هذا الموضوع ، أي موضوع كثير الشكّ ، لأنّه كما عرفت ليس كثرة الشكّ في المقامين بمعنى واحد.
واحتمل بعضهم أن يكون المراد بكثرة الشكّ في الصدر باعتبار تعدّد المتعلّق في تلك الواقعة الواحدة ، أي تعدّد احتمالاته ، مثلا يحتمل أن يكون ما بيده هي الركعة الأولى وبعد لم يتمها ، ويحتمل أن تكون هي الثانية ، ويحتمل أن تكون هي الثالثة وهكذا كثرة الاحتمالات بواسطة كثرة المحتمل ، مع أنّه شكّ واحد في واقعة واحدة.
ولكن الإنصاف أنّ هذا الاحتمال بعيد عن ظاهر قوله : « الرجل يشكّ كثيرا ».
واستظهر المقدّس الأردبيلي قدسسره من هذه الصحيحة التخيير (١) ، بمعنى أنّ كثير الشكّ مخيّر بين أن يعتني بشكّه ويبني على عدم إيجاد المشكوك ويعيد الصلاة ، وبين أن لا يعتني بشكّه ويبني على وجود المشكوك ويمضي في صلاته. فمفاد الصدر هو الشقّ الأوّل من شقّي التخيير ، ومفاد الذيل هو الشقّ الثاني.
وحكى في الجواهر عن المحقّق الثاني أيضا التخيير بين البناء على وجود المشكوك
__________________
(١) « مجمع الفائدة والبرهان » ج ٣ ، ص ١٤٢.