ومنها : ما رواه محمّد بن أبي حمزة عن الصادق عليهالسلام قال : « إذا كان الرجل ممّن يسهو في كلّ ثلاث فهو ممّن كثر عليه السهو » (١).
ومنها : ما روى ابن إدريس في آخر السرائر منتهيا إلى أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « لا سهو على من أقرّ على نفسه بسهو » (٢).
هذه هي الأخبار الواردة في هذا الباب.
فنقول : أمّا دلالة صحيحة محمّد بن مسلم على عدم اعتناء كثير الشكّ بشكّه واضح بناء على أن يكون المراد من السهو هو الشكّ في قوله عليهالسلام : « إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك » وهو كذلك إذ لو كان المراد منه النسيان ـ بمعنى أنّه يعلم بنسيان الجزء الفلاني كالركوع أو السجود ـ فلا يمكن ردعه ، لأنّ حجّية العلم ذاتيّة ليس قابلا للردع ، فلا بدّ وأن يكون المراد منه الشكّ واحتمال عدم الإتيان لا القطع بعدمه ، فالمراد من قوله عليهالسلام : « إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك » هو أنّه إذا كنت شكّاكا فلا تعتن بشكّك ، واحتمال النقيصة فيما إذا كان شكّك بالنسبة إلى عدم الإتيان بجزء أو شرط ، ولا تعتن باحتمال الزيادة إذا كان شكّك بالنسبة إلى وجود مانع ، وامض في صلاتك والق احتمال عدم وجود شرط أو جزء ، أو احتمال وجود مانع في صلاتك ، أي ابن على تماميّة ما أتيت به ، وعدم خلل فيه من حيث الزيادة والنقيصة.
والفرق بينها وبين أصالة الصحّة أنّ الثانية تجري بعد الفراغ عن العمل وهذه القاعدة في الأثناء ، وبينها وبين قاعدة التجاوز هو أنّ الثانية تجري بعد التجاوز عن المحلّ وهذه تجري ولو كان في المحلّ.
وأمّا صحيحة زرارة وأبي بصير : فصدر الرواية ربما يوهم خلاف المقصود ، لأنّ جوابه عليهالسلام بقوله « يعيد » ـ عن قولهما : الرجل يشكّ كثيرا في صلاته ـ يدلّ على
__________________
(١) « الفقيه » ج ١ ، ص ٣٣٩ ، باب أحكام السهو في الصلاة ، ح ٩٩٠ ، « وسائل الشيعة » ج ٥ ، ص ٣٣٠ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، باب ١٦ ، ح ٧.
(٢) « كتاب السرائر » ج ٣ ، ص ٦١٤.