الاحتياط. وأمّا لو كان كثير الشكّ ـ كما هو المفروض ـ فهل يجب عليه أن يبني على الأربع ويتمّ وليس عليه صلاة الاحتياط؟ كما هو مقتضى عدم الاعتناء بشكّه بحكم هذه الأخبار ، فإنّ مفادها كما ذكرنا عدم الاعتناء باحتمال العدم إذا كان العدم مضرّا ومفسدا ، وباحتمال الوجود أنّ كان الوجود مفسدا ومضرّا. والمقام من الأخير ، لأنّ وجود الخامسة مضرّ ، فإذا احتمل وجودها يبني على العدم ، أو لا بل يجب عليه أن يهدم القيام حتّى يرجع شكّه إلى الشكّ بين الثلاث والأربع.
حكى عن الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره الثاني ، ولكنّ الأوّل هو الصحيح ، وذلك لما سنذكر من حكومة دليل عدم الاعتناء بشكّ كثير الشكّ على أدلّة البناء على الأكثر إذا كان الشكّ في عدد الركعات ، فإذا شكّ في الركعات بين الأربع والخمس فلا يأتي دليل البناء على الأكثر ، لأنّ دليل البناء على الأكثر إنّما ورد لتصحيح الصلاة لا لإفسادها ، ولذلك لا تشمل هذا الشكّ ، فالحكم بصحّة الصلاة والبناء على الأربع لدليل خاصّ إذا كان بعد إكمال السجدتين.
وأمّا إذا كان في حال القيام فليس دليل خاصّ في البين ، فمقتضى القاعدة ابتداء هو الفساد بالنظر البدوي ، وذلك لعدم شمول دليل البناء على الأكثر له لما ذكرنا ، ولا دليل على عدم الاعتناء بشكّ كثير الشكّ لعدم حكم له كي يكون حاكما عليه ، وليس دليل خاصّ في البين ، كما هو المفروض.
هذا ، ولكنّ عند التأمّل هذا الشكّ مستلزم لشكّ آخر ، وهو أنّ الركعة السابقة مردّدة بين الثلاث والأربع ، وله حكم وهو البناء على الأربع ، وحيث أنّه كثير الشكّ ويجب عليه عدم الاعتناء بشكّه ، أي يلغي احتمال كونها رابعة والبناء على كونها ثالثة ، فإذا بني على كونها ثالثة فيكون ما بيده ـ المحتمل كونها خامسة وجدانا ـ حسب الحكم الشرعي هي الرابعة ، فيتمّها من دون وجوب هدم القيام ، بل لا يجوز ذلك ، لحكم الشارع بأنّها رابعة ، فيتمّها ولا شيء عليه حتّى سجدة السهو ، لأنّها منصوصة في مورد خاصّ.