عن عدم إلحاق كثير القطع به يقينا ، بل عدم إمكانه ، لعدم إمكان سلب الحجّية عن القطع ولو كان قطّاعا ، أي كثيرا ما يحصل له القطع من أسباب لا توجب القطع عند أهل العرف والمتعارف من الناس ، بخلاف الظنّ فإنّه يمكن تقييد حجّيته بما إذا كان حاصلا من أسباب متعارفة عند أغلب الناس.
فالدليل الذي يدلّ على حجّية الظنّ في عدد الركعات أو في أفعال الصلاة وإن قلنا بأنّه يمكن أن يقيد بالظنّ المتعارف لا مطلق الظنّ ، ولكن صرف الإمكان لا يثبت كونه ـ أي كثير الظنّ ـ مثل كثير الشكّ وأن لا يعتني بظنّه ، مثلا لو كان كثير الظنّ وظنّ بعدم الركوع مع عدم التجاوز عن المحلّ فيحكم بعدم اعتبار هذا الظنّ ويقال بوجود الركوع وصحّة الصلاة ، بل يحتاج اتّحاد كثير الظنّ مع كثير الشكّ في هذا الحكم ـ أي عدم الاعتناء باحتمال العدم إذا كان العدم مضرّا بالصحّة ، وعدم الاعتناء باحتمال الوجود إذا كان الوجود مضرّا بالصحّة ـ إلى دليل على ذلك. والأخبار المتقدّمة ـ التي كانت دالّة على عدم الاعتناء بالشكّ إذا كان كثير الشكّ ـ لا تدلّ على ذلك ، لخروج كثير الظنّ عن موضوع كثير الشكّ.
هذا إذا كان الظنّ حجّة ، وأمّا إذا لم يكن حجّة فهو في حكم الشكّ بل هو هو ، لأنّه ليس المراد من الشكّ تساوي الاحتمالين كي لا يشمل الظنّ ، فإنّه معنى اصطلاحي عند المنطقيين والأصوليين ، وإلاّ ففي العرف الشكّ خلاف اليقين فيشمل الظنّ والوهم.
فبناء على هذا لو قلنا بعدم حجّية الظنّ في أفعال الصلاة ، فلو ظنّ بعدم القراءة مثلا وكان في المحلّ أي كان قبل الدخول في قراءة السورة ظنّ بعدم قراءة فاتحة الكتاب ، أو ظنّ بعدم قراءة السورة قبل الدخول في الركوع ، فلو لم يكن كثير الظنّ فمقتضى الشكّ في المحلّ أن يأتي بالمشكوك ، وأمّا لو كان كثير الظنّ والمفروض عدم حجّية الظن في الأفعال فيجب المضي في الصلاة وعدم الاعتناء بالظنّ بالعدم ، لشمول قوله عليهالسلام : « إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك ».