تجاوز المحلّ ، ودليل القاعدة يرفع الشكّ تعبّدا ، وهو معنى الحكومة بالتضييق في جانب الموضوع من الأقسام الثمانية للحكومة.
وقد شرحنا الحكومة وأقسامها في كتابنا « منتهى الأصول » (١) ومن أراد فيراجع.
ولكن لم نجد في أدلّة القاعدة وأخبار الباب ما يكون لسانه نفي الشكّ عن كثير الشكّ صريحا ، وإنّما الموجود في أخبار الباب التي هي أدلّة عدم الاعتناء بشكّ كثير الشكّ ثلاث عبارات : أحدها : « يمضي في شكّه ». ثانيهما : « امض في صلاتك » أو « فليمض في صلاته » بصورة أمر الحاضر تارة ، وأمر الغائب أخرى. ثالثها : « يمضي في صلاته » بصورة الجملة الخبريّة.
والفرق بين الثالث والأوّل هو أنّ الأوّل كانت العبارة « يمضي في شكّه » والثالث « يمضي في صلاته » وإلاّ فالاثنان بصورة الجملة الخبريّة ، والمستفاد من العبارات الثلاث هو المضي وعدم الاعتناء بالشكّ إذا كان كثير الشكّ ، فإذا كان معنى المضي وعدم الاعتناء بالشكّ هو نفي الشكّ ورفعه في عالم التشريع فتكون هذه الأخبار ـ التي هي أدلّة القاعدة ـ حاكمة على الأدلّة الأوّليّة.
وأمّا إذا كان معناه رفع حكم الشكّ عن كثير الشكّ بدون تصرّف في كونه شاكّا ولو تعبّدا فيكون تخصيصا لا حكومة. والظاهر هو الأوّل.
وأمّا موارد تطبيقها : أمّا بطور الإجمال : ففي كلّ مورد شكّ في أيّ جزء من أجزاء الصلاة ، أو شرائطها ، أو أيّ مقدّمة من مقدّماتها الداخليّة وكان الشكّ قبل تجاوز المحلّ الذي مقتضي القواعد الأوّليّة لزوم تداركها ، فإذن كان كثير الشكّ لا يعتني بشكّه ويمضي في شكّه. وكذلك في عدد الركعات لا يعتني بشكّه ويمضي في صلاته ، بمعنى ما ذكرنا من أنّه يبني على عدم ما يضرّ وجوده بالصحّة ، وعلى وجود ما يضرّ عدمه بها ، فهذا هو معنى المضي في صلاته ، وهذا هو البناء على الصرفة.
__________________
(١) « منتهى الأصول » ج ٢ ، ص ٥٣٥.