فإذا ظهر لك ما ذكرنا من المراد من ألفاظ هذه القاعدة فتقول : إنّ معنى هذه الجملة ومفاد هذه القاعدة في كمال الوضوح ، وهو عبارة عن أنّ كلّ مبيع من أيّ سنخ من الأموال ، إنسانا كان أو حيوانا أو نباتا أو جمادا لو وقع عليه التلف قبل أن يقبضه المشتري يوجب انفساخ البيع آنا ما قبل التلف ، فيكون من مال بائعه ، فيرجع الثمن إلى المشتري.
وأمّا بناء على ذلك الاحتمال الآخر الذي قلنا إنّه خلاف الظاهر وخلاف فتوى المشهور بل خلاف الإجماع فيكون مفاد القاعدة أنّ كلّ مبيع تلف قبل قبضه أي قبل استيلاء المشتري عليه يكون خسارته وضمانه على البائع ، فيكون البائع يعطي مثله للمشتري إن كان مثليّا ومثله موجودا ، ويعطي قيمته له إن كان قيميّا أو كان مثليّا ولكن مثله ليس بموجود أو تحصيله متعذّر أو متعسّر وإن كان موجودا.
ثمَّ إنّه تختلف النتيجة في سعة انطباق القاعدة وفي ضيقه بحسب اختلاف المدرك.
فلو كان المدرك هو الروايات فالظاهر المستفاد منها هو الذي تقدّم من انفساخ البيع لو تلف المبيع قبل أن يقبضه المشتري ، ورجوع الثمن إلى ملك المشتري.
وأمّا شموله للثمن ـ أي لو تلف الثمن قبل أن يقبضه البائع فيكون موجبا لانفساخ العقد ـ في غاية الإشكال ، لأنّ لفظ المبيع لا يشمل الثمن لا بحسب الوضع اللغوي ولا بحسب المتفاهم العرفي ، ولا لفظ البائع يشمل المشتري.
وأمّا شموله لما لو كان التالف بعض المبيع فسنتكلّم فيه في الجهة الثالثة إن شاء الله تعالى.
وأمّا لو كان المدرك هو الإجماع فأيضا يكون الحكم مثل ما إذا كان المدرك الروايات ، إذا كان معقد الإجماع هو مفاد هذه القاعدة كما هو كذلك. اللهم إلاّ أن يقال : إنّه أوسع بناء على انعقاده في الثمن أيضا مثل المبيع.
وأمّا لو كان المدرك هو بناء العقلاء في باب المعاوضات على أنّ إنشاء المبادلة