« فإنّ ولّى عنك فلا تراجعه » (١).
ويظهر من هذه الروايات قبول قول المالك في نفي تعلّق الزكاة بماله الموجود عنده ، سواء أكان من جهة عدم مضيّ الحول عليه ـ وان كان عدم المضي من جهة تبديله في أثناء الحول ـ أو من جهة أخرى ، أو كان عدم وجوب الزكاة في ذلك المال من جهة دفعه زكاته الى المستحقّ ، ففي جميع ذلك يقبل قوله بلا بيّنة عليه ولا يمين أيضا عليه ، كلّ ذلك إرفاقا بالمالك.
فإذا كان مدّعي التبديل ومدّعي الدفع إلى المستحقّ يقبل قوله من دون أن تكون بيّنة عليه ، فيكون هذا تخصيصا للجملة الأولى من القاعدة ، وكذلك يقبل قول المالك في دعوى نقصان ما خرصه المصدق عليه.
هذا ، ولكن يمكن أن يقال : إنّ المذكورات ليس من باب تخصيص تلك القاعدة ، بل قول المالك مطابق للحجّة الفعليّة ، وقد تقدّم في تشخيص المدّعي والمنكر أنّ المدّعي من يكون قوله مخالفا للحجّة الفعليّة ، والمنكر من يكون قوله موافقا لها.
وأمّا إنّ قول المالك هاهنا موافق لها ، فمن جهة أصالة عدم تعلّق الزكاة بهذا المال الموجود عنده ، وكذلك عدم مضيّ الحول عليه. نعم لو كان أثر شرعي مترتبا على عنوان التبديل فينفي بأصالة عدم وقوع التبديل ، ولكنّه أجنبيّ عن محلّ البحث.
وأمّا بالنسبة إلى الدفع إلى المستحقّ فربما يقال بأنّه بعد اعترافه بتعلّق الزكاة ووجوبها عليه ، مقتضى الأصل عدم الدفع وبقاء الاشتغال ، وأيضا حكم العقل بلزوم تحصيل الفراغ اليقيني بعد ثبوت الاشتغال اليقيني يقتضي لزوم أدائه والأخذ عنه.
وفيه : أنّ هذا صحيح لو كان مصبّ الدعوى هو أداء ما كان واجبا عليه ودفع الحقّ إلى مستحقّه ، وأمّا لو كان مصبّ الدعوى هو أنّه هل في هذا المال الموجود زكاة
__________________
(١) « الكافي » ج ٣ ، ص ٥٣٨ ، باب آداب المصدّق ، ح ٤ ، « وسائل الشيعة » ج ٦ ، ص ٩٠ ، أبواب زكاة الأنعام ، باب ١٤ ، ح ٥ ، وص ٢١٧ ، أبواب المستحقّين للزكاة ، باب ٥٥ ، ح ١.