بذلك الشاهد الواحد ، بل لا بدّ من ضمّ يمينه إليه ، فإذا لم يكن له شاهد أصلا فيجب عليه اليمين لاستخراج حقّه الذي يدّعيه بطريق أولى.
وفيه : أنّ هذا الدليل ينبغي أن يعدّ من المغالطات ، لأنّ انضمام اليمين هناك إلى الشاهد الواحد من جهة أنّ المدّعي هناك عليه البيّنة ، وحيث أنّه عاجز عن إقامة البيّنة بتمامها ـ ولم يقم إلاّ شاهدا واحدا ـ خفّف عنه بقيام اليمين مقام الشاهد الآخر ؛ بخلاف ما نحن فيه ، فإنّه ليس عليه البيّنة أصلا ، إذ المفروض سماع قوله بدون البيّنة ، فلا وجه لتكليفه باليمين إلاّ ما ذكرنا من الوجهين الأوّلين.
السادس : أنّ لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « البيّنة على المدّعي ، واليمين على من أنكر » (١) دلالتين :
أحدهما : أنّ المتداعيين والمتخاصمين كلّ واحد منهما يحتاج في إثبات ما يقول إلى حجة ، وبدون الحجّة لا يحكم له.
والثاني : تعيين تلك الحجّة في حقّ كلّ واحد منهما ، وأنّها هي البيّنة في حقّ المدّعي ، واليمين في حقّ المنكر ، والحجّة في حقّ الاثنين منحصرة فيهما ، وليست هناك حجّة أخرى تكون ميزانا للقضاء.
فإذا جاء الدليل على عدم تكليف بعض المدّعين في بعض الموارد بإقامة البيّنة ولا يطالب بها ، فهذا الدليل لا يدلّ على أنّ الحكم لا يحتاج إلى حجّة أخرى أصلا ، وذلك لأنّ نفي الأخصّ لا يلزم منه نفي الأعمّ.
وحيث أنّ الحجّة في باب القضاء منحصرة بهما ـ أي البيّنة واليمين ـ وهذا الدليل يدلّ على عدم مطالبته بالبيّنة ، فبحكم دلالة قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم على لزوم أصل الحجّة ـ التي كانت فيما ذكرنا أولى الدلالتين ـ يجب عليه أن يقيم حجّة على ما يدّعيه ، وإذ ليست هي البيّنة ـ كما هو المفروض ـ والحجّة منحصرة فيهما ، فيكون عليه اليمين.
__________________
(١) « عوالي اللئالي » ج ٢ ، ص ٣٤٥ ، ح ١١ ، « مستدرك الوسائل » ج ١٧ ، ص ٣٦٨ ، أبواب كيفية الحكم ، باب ٣ ، ح ٤.