ومعلوم أنّ حصول هذا المعنى في عالم الاعتبار ـ سواء أكان اعتبارا شرعيّا أم كان من اعتبارات العقلاء وأمضاها الشارع ، أو لم يمضها كما في باب بيع الغرر ، فإنّ الشارع نهى عنه وإن كان العقلاء يقدمون عليه ويرتّبون عليه الآثار في بعض مراتب الغرر ـ لا يمكن إلاّ بأن يكون ذلك المعنى مقصودا للمتكلّم والمنشئ حال إنشائه وعقده بأيّ لفظ كان.
فكما أنّ صلاة الظهر والعصر مثلا لا توجد بصرف قراءة أربع ركعات من دون قصد كونها ظهرا أو عصرا وأمثال ذلك ، فكذلك عناوين المعاملات والمعاوضات لا تقع إلاّ بالقصد والإرادة. مثلا إذا قصد تمليك ماله وكان ذلك المال من الأعيان بعوض مالي فيحصل عنوان البيع ، وإلاّ لو لم يقصد التمليك أصلا ، أو قصد التمليك بلا عوض ، وكان تمليكا مجّانيّا فيكون هبة.
كما أنّه لو قصد تمليك منفعة لذلك العين بعوض يكون إجارة ، إن كانت المنفعة معلومة من حيث نوع المنفعة ومن حيث المدّة وكان العوض أيضا مالا معلوما.
نعم ثمَّ يقع الكلام من جهات آخر ، مثلا من أنّ اللفظ الذي ينشأ به هذا المعنى هل يلزم أن يكون عربيّا أم لا ، بل يقع بأيّ لغة كان ، إلاّ أن يدلّ دليل خارجي على أنّه يلزم أن يكون باللفظ العربي ، كما أنّ المشهور قالوا بذلك في خصوص باب النكاح ، بل ادّعى جماعة عليه الإجماع.
وأيضا هل يلزم أن يكون بصيغة الماضي ، أو يقع وإن كان بصيغة المضارع؟
وكذلك في سائر الشروط التي ذكروها في العقد.
وعلى كلّ حال تحقّق هذه العناوين تابع لقصدها ، وبدون القصد لا تقع ، وليس المراد أنّ كلّ ما يقصده ويريده يقع شرعا ، لأنّ ما قصده إن لم يكن من المعاملات العقلائيّة وأيضا ليس ممّا أحدثه الشارع ، أو كان من المعاملات العقلائيّة ولكن لم