بناء على هذا المعنى ـ أنّ وقوع البيع مثلا ـ أي : التمليك والتملك المذكورين ـ تابع لقصد البائع والمشتري.
وهكذا الأمر في سائر العقود والمعاملات ، لعدم كون نفس هذه الألفاظ تابعة للقصود يقينا إلاّ بمعنى آخر غير مربوط بما نحن فيه ، وهو تبعيّة الوجود اللفظي للوجود الذهني ، فكان المتكلّم بكلام يجعل ما هو موجودا ذهنيّا موجودا خارجيّا لفظيّا ، فيكون المراد أنّ ما قصده يقع وما لم يقصده لم يقع.
وهذا أيضا يرجع إلى أنّ مفاد ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) وأدلّة صحّة المعاملات ـ مثل قوله تعالى ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (١) وقوله تعالى ( وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) (٢) وقوله تعالى ( فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ ) (٣) وأمثال ذلك من الأدلّة على صحّة المعاملات ومشروعيّتها ـ هو وقوع المنشئات شرعا ولزوم ترتيب آثارها عليها طبق قصد المتعاقدين والتزامها ، فلو قصدا صرف هذه الأمور من دون ملاحظة خصوصيّة فيها ـ من قيد أو شرط ـ تقع نفس هذه الأمور من دون أيّ خصوصيّة فيها.
وأمّا لو قصدا مع خصوصيّة من قيد أو شرط تقع بتلك الخصوصيّة. نعم إثبات أنّ قصدهما أو أحدهما تعلّق بالمعاملة الفلانيّة بتلك الخصوصيّة يحتاج إلى دليل في مقام الإثبات ، من تقييد الألفاظ التي تستعمل في مقام الإنشاء أو انصرافها ، وإلاّ ففي مقام الإثبات يتمسّك بإطلاق العقد لنفي الخصوصيّة المحتملة.
وربما يثبت بإطلاق العقد خصوصيّة في الثمن أو المثمن ، وذلك فيما إذا كان عدم تلك الخصوصيّة يحتاج إلى البيان ، وذلك كانصراف الثمن إلى نقد البلد ، فلو كان الدرهم أو الدينار في البلد غير الدرهم والدينار في غير البلد ، سواء أكان من حيث
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٧٥.
(٢) النساء (٤) : ١٢٨.
(٣) البقرة (٢) : ٢٨٣.