كذا أو مجّانا.
وبعبارة أخرى : حقيقة العقد عبارة عن الالتزام بأمر لشخص أو أشخاص إمّا في مقابل أمر وشيء من طرفه ، أو بدون مقابل ، كعقد البيعة أو عقد الهبة ، وهذا المعنى هو عين القصد المتعلّق بذلك الأمر. وبناء على هذا يكون المراد من هذه القضيّة ـ أي العقود تابعة للقصود ـ أعني : التعهّد بأمر مع الخصوصيّات المعتبرة شرعا أو عرفا في ذلك الأمر تابعة لقصده المتعلّق بذلك الأمر حال الإنشاء ، فإن لم يقصد خصوصيّة من قيد أو شرط حال الإنشاء ، فليس عقده متخصّصا بتلك الخصوصية ، ولا مشروطا بذلك الشرط.
ونتيجة ذلك عدم تحقّق التزامه وتعهّده بذلك الشيء الذي لم يقصده ، ودليل صحة العقد أو وجوب الوفاء بالعقود لا يشمل تلك الخصوصية ، لأنّ مفاد هذا الدليل هو وجوب الوفاء بما عقد عليه وتعهّد به ، والمفروض أنّ هذه الخصوصيّة ليست ممّا تعلّق به قصده ، أي ليست ممّا تعهّد والتزم به.
وإن شئت قلت : إنّ دليل ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) أو « المؤمنون عند شروطهم » (٢) مفادهما هو وجوب العمل بما التزم به تكليفا ، أو نفوذ ما التزم به عليه وضعا ، وعلى أيّ واحد من الوجهين لا يبقى موضوع لهما بعد عدم قصد العاقد لتلك الخصوصيّة ، لا مستقلا ولا في ضمن العقد.
وأمّا لو كان المراد من العقد في هذه القضيّة هو الإيجاب والقبول ، كما أنّهم يطلقون هذه الكلمة عليهما ، فيقولون مثلا لكلمة « بعت » من البائع و « اشتريت » ـ أو « قبلت » من المشتري عقد البيع ، فلا بدّ أن يكون المراد حينئذ بالعقد المعنى المنشئ بهذه الألفاظ ، أي تمليك المبيع للمشتري ، وتملك الثمن للبائع ، فيكون المراد من هذه القضية ـ
__________________
(١) المائدة (٥) : ١.
(٢) « عوالي اللئالى » ج ٣ ، ص ٢١٧ ، ح ٧٧ ، « مستدرك الوسائل » ج ١٣ ، ص ٣١٠ ، أبواب الخيار ، باب ٥ ، ح ٧.