وبعبارة أخرى : بناء العرف والعقلاء في أسواقهم ومعاملاتهم ـ سواء كان بيعا أو إجارة أو رهنا أو عارية أو وقفا أو غير ما ذكر من أقسام العقود والمعاملات بل وكذلك في الإيقاعات من طلاق أو عتق أو غير ذلك ـ على أنّ ما وقع عليه العقد أو الإيقاع إن كان بعضه لا يصلح لوقوع ذلك العقد عليه لفقد شرط من شرائط ذلك العقد أو ذلك الإيقاع أو لوجود مانع فيه ، وبعضه الآخر يصلح لذلك ، فيبنون على صحّة تلك المعاملة بالنسبة إلى ذلك البعض الذي واجد لشروط الصحّة ، وبطلانها بالنسبة إلى ذلك البعض الآخر.
مثلا لو قال لعبدين أحدهما ملك له والآخر لغيره ، من دون أن يكون مأذونا من قبله أو وليّا عليه : أنتما حرّان ، أو قال : أعتقتكما ، فيرون انحلال هذا الإيقاع والإنشاء إلى إيقاعين وإنشائين : أحدهما صحيح ونافذ ، والآخر باطل وغير نافذ ، وكذلك لو قال لامرأتين إحديهما زوجته والأخرى أجنبيّة بحضور شاهدين عدلين : أنتما طالقان ، وكان هذا الإيقاع في حال طهر زوجته من دون مواقعته لها ، فيرون انحلال هذا الطلاق إلى طلاقين : أحدهما صحيح ونافذ وهو طلاق من هي زوجته ، والآخر باطل وهو طلاق من هي أجنبيّة عنه ، وكذلك الأمر في سائر الإيقاعات.
وأمّا العقود فقد تقدّم أنّه لو باع مال نفسه ومال غيره بعقد واحد ، فيكون ذلك العقد منحلاّ إلى عقدين بنظر العرف والعقلاء : أحدهما صحيح وهو ما تعلّق بمال نفسه ، والثاني باطل إن ردّ المالك ، أو موقوف على إجازة المالك ، وكذلك الأمر عندهم ـ أي عند العرف والعقلاء ـ في سائر العقود والمعاملات.
مثلا لو أعطى شيئين عارية بعقد واحد ، أو إجارة كذلك ـ أي بعقد واحد ـ فيرون العقد منحلاّ إلى عقدين : أحدهما صحيح وهو الذي تعلّق بمال نفسه ، والآخر باطل أو موقوفا على الإجازة وهو ما تعلّق بمال الغير.
فهذا بنائهم في باب العقود والإيقاعات ، ولم يردع الشارع عن هذه الطريقة