كهاتين الصحيحتين وبهذا المضمون تقريبا.
وتقريب الاستدلال بهذه الروايات أنّه عليهالسلام بصدد أنّه لا يثبت الهلال إلاّ بالرؤية والعلم ، أو بما هو بمنزلة العلم في إثبات ما قام عليه ، فكأنّه عليهالسلام جعل أماريّة البيّنة وكونها بمنزلة العلم أمرا مفروغا عنه ومن المسلّمات ، ولذلك قال عليهالسلام : « إذا شهد عندك شاهدان مرضيّان بأنّهما رأياه فاقضه » لأنّ شهادتهما بالرؤية بمنزلة علمك بها ، مثبت لها.
وأيضا ظاهر هذه الروايات أنّ الحكم بشهادة عدلين لكونها مثبتة وأمارة ولا دخل في كون متعلّقها رؤية الهلال في أماريّتها ، ولكن مع ذلك كلّه ظهور هذه الروايات في عموم حجّية البيّنة ـ بالنسبة إلى جميع الموضوعات وعدم اختصاصها بإثبات الهلال ـ لا يخلو من تأمّل وإشكال.
فالأحسن أن تجعل هذه الروايات من المؤيّدات لعموم حجّيتها ، وكونها مؤيّدة له لقوّة احتمال عدم كون المتعلّق ـ وهو رؤية الهلال ـ دخيلا في اعتبارها.
ومنها : الأخبار الواردة في باب الدعاوي وأنّها وظيفة المدّعي وتثبت بها دعواه ، كقوله عليهالسلام : « البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر » (١).
وتقريب الاستدلال بها أنّ حجّيتها في مقابل المدّعي مع كونه صاحب اليد وله أمارة الملكيّة أو غيرها ممّا هو محلّ النزاع ، تدلّ على حجّيتها بطريق أولى فيما إذا لم يكن مدّع وصاحب يد في البين ، لأنّه عليهالسلام إذا قال إنّها حجّة على ما قامت عليه مع معارضتها بحجّة أخرى من قبل الخصم ، فالظاهر والمتفاهم العرفي من هذه العبارة حجّيتها فيما إذا لم يكن لها معارض بالأولويّة القطعيّة.
__________________
(١) تقدّم في ص ١٠ ، رقم (٤).