في الجبن : « كلّ شيء حلال حتّى يجيئك شاهدان يشهدان عندك أنّ فيه ميتة » (١).
وظاهر هذا الخبر أنّ ارتفاع الحلّية عن مشكوك الحلّية والحرمة لا يكون إلاّ بقيام شاهدين على تحقّق موضوع الحرمة وثبوته ، وهو في المورد عبارة عن كون الميتة فيه ، أي في الجبن.
فتكون الرواية ظاهرة في أنّ قيام الشاهدين على وجود موضوع الحرمة ـ أي كون الميتة فيه ـ أمارة على وجوده ، ومعلوم أنّه عليهالسلام بصدد بيان أنّ شهادة شاهدين بمنزلة العلم في إثبات ما قامت عليه ، ولا خصوصيّة للميتة وإنّما ذكرها في الرواية لبيان المورد ، وإلاّ فلا خصوصيّة فيها.
وأمّا الإشكال عليها بضعف السند ، ففيه أنّ اتفاق الأصحاب على حجّية البيّنة في جميع الموضوعات ـ إلاّ الشاذّ منهم ـ يكون جابرا لضعف سندها ، وموجبا للوثوق بصدورها الذي هو موضوع الحجّية ، وقد حرّرنا المسألة من هذه الناحية في كتابنا « منتهي الأصول » (٢) ومن أراد فليراجعها.
ومنها : الأخبار الكثيرة الواردة في ثبوت الهلال بشهادة عدلين ـ أي البيّنة ـ كصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّ عليّا عليهالسلام كان يقول « لا أجيز في رؤية الهلال إلاّ شهادة رجلين عدلين » (٣) وصحيح منصور بن حازم عنه أيضا أنّه عليهالسلام قال : « صم لرؤية الهلال وأفطر لرؤيته ، فإن شهد عندكم شاهدان مرضيّان بأنّهما رأياه فاقضه ». (٤) وروايات أخر
__________________
(١) « الكافي » ج ٦ ، ص ٣٣٩ ، باب الجبن ، ح ٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٧ ، ص ٩١ ، أبواب الأطعمة المباحة ، باب ٦١ ، ح ٢.
(٢) « منتهى الأصول » ج ٢ ، ص ٩١ و ٦١٣.
(٣) « تهذيب الأحكام » ج ٤ ، ص ١٨٠ ، ح ٤٩٩ ، باب فضل صيام يوم الشك ، ح ٧١ ، « وسائل الشيعة » ج ٧ ، ص ٢٠٨ ، أبواب أحكام شهر رمضان ، باب ١١ ، ح ٨.
(٤) « تهذيب الأحكام » ج ٤ ، ص ١٥٧ ، ح ٤٣٦ ، باب علامة أوّل شهر رمضان وآخره ، ح ٧ ، « الاستبصار » ج ٢ ، ص ٦٣ ، ح ٢٠٥ ، باب علامة أوّل يوم من شهر رمضان ، ح ٧ ، « وسائل الشيعة » ج ١٧ ، ص ٢٠٨ ، أبواب أحكام شهر رمضان ، باب ١١ ، ح ٤.