يرى ويعتقد أنّ هذه البقرات أو الأفراس ملك لصاحب البقرة أو الفرس قبل وقوع هذه المعاملة ، فيستحلّها له فينفذ عليه ذلك ، ويجوز لذلك الآخر أن يأخذها منه وإن كان معتقدا بصحّة هذه المعاملة وأنّ هذه المذكورات ليس له.
وكذلك بالنسبة إلى المنافع ، فلو اشترى دارا مثلا من زيد وسكن فيها سنين وهو يرى ويعتقد فساد هذه المعاملة ، فعليه أجرة تلك الدار التي سكن فيها سنين ، ويجوز للمخالف الآخر ـ أي البائع ـ أن يأخذ منه أجرة تلك السنين ، وإن كان معتقدا صحّة هذه المعاملة وأنّ هذه الدار ليست له.
وعلى كلّ تقدير لو قلنا بصحّة إلزام المخالف للمخالف فيما يلزم به نفسه ، فهذا خارج عن مفاد قاعدة الإلزام ، بل يكون له مدرك آخر ، وهو قوله عليهالسلام : « يجوز على أهل كلّ ذي دين ما يستحلّون ».
ثمَّ إنّ ذكرنا من إمكان القول بصحّة إلزام المخالف للمخالف ـ مستندا إلى رواية محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام ، وهو قوله عليهالسلام : « يجوز على أهل كلّ ذي دين ما يستحلّون » ـ مبني على أن يكونا مختلفين في المذهب بحيث يكون المراد من الدين المذهب ، فإذا استحل شيئا في مذهبه يصحّ أن يقال يستحلّه في دينه ، فلا يشمل مورد اختلاف المجتهدين في مذهب الإماميّة ، لأنّ لهما مذهب واحد وهو مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، لا أنّ فتوى هذا المجتهد دين ومذهب له ، وفتوى ذلك الآخر دين ومذهب للآخر. نعم يكون أحدهما مخطئا والآخر مصابا إن كان الفتويان متناقضين.
كما أنّ تطبيقه على اختلاف المذاهب الأربعة أيضا لا يخلو عن إشكال ، لأنّه هناك أيضا ليس إلاّ اختلاف فتوى المجتهدين.
وحاصل الكلام : أنّ رواية محمّد بن مسلم لا يستفاد منها حتّى إلزام المخالف للمخالف ، بل ولا الموافق للمخالف ، لأنّ دين الكلّ واحد وهو الإسلام ، فالمراد من قوله عليهالسلام « أهل كلّ ذي دين » هي الأديان المقابلة للإسلام ، فقاعدة الإلزام تستفاد من