ومنها : أنّ المخالف لو طلّق زوجته مكرها على ذلك ، فحيث أنّ طلاق المكره عند أبي حنيفة وجمع آخر صحيح ونافذ على ما نقل عنهم (١). فيجوز للشيعي ، أن يرتّب آثار الصحّة على هذا الطلاق ـ وإن لم يكن عنده صحيحا ـ بقاعدة الإلزام ، فيتزوّج بها بعد انقضاء عدّتها.
وكذلك الأمر في كلّ مورد يكون مذهبهم صحّة الطلاق مع عدم صحّته عند الإماميّة ، فيجوز للإمامي الاثني عشري ترتيب آثار الصحّة على ذلك الطلاق الفاسد في مذهبه إن كان صحيحا في مذهب المخالف ، كما إذا حلف بالطلاق إن فعل الأمر الفلاني أو إن لم يفعل ، فهذا الطلاق عندنا باطل ، لكن عندهم صحيح ، فيجوز أن يرتّب عليه آثار الصحّة بقاعدة الإلزام.
وخلاصة الكلام : أنّ موارد قاعدة الإلزام في أبواب النكاح والطلاق كثيرة ، والضابط الكلّي هو أنّ كلّ نكاح أو طلاق كان فاسدا حسب مذهب الإماميّة وكان صحيحا عندهم ، فيجوز للإمامي ترتيب آثار الصحّة عليه بهذه القاعدة إن كان في صحّته ضرر على المخالف ، لأنّ الإلزام لا معنى له إلاّ فيما إذا كان الملزم به ضررا عليه.
وكذلك العكس ، أي كلّ نكاح أو طلاق كان صحيحا حسب مذهب الإماميّة وكان فاسدا عندهم ، يجوز للإمامي ترتيب آثار الفساد عليه إذا كان آثار الفساد ضررا عليه ، وذلك لما ذكرنا من عدم صدق الإلزام عرفا إلاّ مع كون الملزم به ضررا عليه.
وأيضا يدلّ على ما ذكرنا من لزوم كون الآثار ضررا عليه قوله عليهالسلام في بعض روايات القاعدة : « خذوا منهم كما يأخذون منكم » (٢) فبناء على ما ذكرنا لو عقد المخالف
__________________
(١) « بدائع الصنائع » ج ٣ ، ص ١٠٠ ، « الباب » ج ٢ ، ص ٢٢٦ ، « شرح العناية على الهداية » ج ٣ ، ص ٣٩ ، « شرح فتح القدير » ج ٣ ، ص ٣٩ ، « تبيين الحقائق » ج ٢ ، ص ١٩٤ ، « حاشية إعانة الطالبين » ج ٤ ، ص ٥ ، « فتح الباري » ج ٩ ، ص ٣٩٠ ، « المغني لابن قدامة » ج ٨ ، ص ٢٦٠ ، « الشرح الكبير » ج ٨ ، ص ٢٤٣ ، « المجموع » ج ١٧ ، ص ٦٧ ، ونقله عنه من أصحابنا الشيخ في « الخلاف » ج ٤ ، ص ٤٧٨.
(٢) سبق تخريجه في ص ١٨٠ ، رقم (٢).