الأصل هو التداخل أو عدمه فمرجعه إلى البراءة ـ يكون في باب التكاليف.
وأمّا في باب الوضعيّات كما إذا وجد سببان للخيار ولم يدلّ دليل على التداخل ولا على عدمه ، فالظاهر أنّه يكون مورد الاستصحاب لا البراءة ، مثلا لو ظهر في المبيع الذي هو حيوان ، عيب ، فما دام يكون البائع والمشتري في مجلس البيع وظهر العيب ، تجتمع للخيار أسباب ثلاثة : المجلس ، وكون المبيع حيوانا ، والعيب. فإذا أسقط الخيار المضاف إلى أحد هذه الأسباب فبناء على التداخل لا يبقى له خياران الآخران ، لأنّه بناء على هذا ليس له إلاّ خيار واحد وقد أسقطه.
وبناء على عدم التداخل فيكون الخياران الآخران موجودا ، فإذا شكّ في التداخل وعدمه ولم يكن دليل عليه ولا على عدمه ، فيشكّ في بقاء طبيعة الخيار ، فيكون مجرى الاستصحاب.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ الخيار الذي هو عبارة عن حقّ خاصّ به يكون له السلطنة على حلّ العقد وإبرامه. ومثل هذا الحقّ ليس قابلا للتكرار ، فإذا أسقط فلا يبقى احتمال البقاء كي يستصحب ، بل البحث عن التداخل وعدم تداخل الأسباب لا يأتي هاهنا ، كما ذكرنا أنّ مورد هذا البحث هو فيما إذا كان المسبّب قابلا للتكرار ، لأنّ ما ليس قابلا للتكرار في مقام الثبوت فالبحث عنه في مقام الإثبات ـ بأنّ مقتضى الأصل هل هو عدم التداخل؟ أي : التكرار مع عدم إمكانه ـ لا مجال له أصلا.
إن قلت : إنّ الخيار وإن لم يكن قابلا للتكرّر بتعدّد الأسباب من حيث تعدّد وجوده ، ولكنّه قابل للتعدّد بواسطة إضافته إلى أسباب متعدّدة ، فقابل لأن يبحث فيه إذا تعدّد أسبابه ، كما ذكرنا أنّ مقتضى الأصل هل تداخل الأسباب كي يكون خيار واحد عند اجتماع تلك الأسباب ، أو مقتضى الأصل عدم التداخل كي تكون خيارات باعتبار إضافتها إلى أسبابها.
قلنا : إنّ هذا وإن كان كلاما صحيحا ولكن ليس مصحّحا لجريان الاستصحاب