غسل من تلك الأغسال ، فعند اجتماع الأغسال المتعدّدة مرتبة من تلك النورانيّة تكون مستندة إلى غسل الجنابة ، وأخرى إلى غسل الجمعة ، وهكذا ، فلا يمكن استكشاف كون الأغسال حقيقة واحدة من وحدة الأثر بهذا المعنى.
فالإنصاف أنّ الحكم باتّحاد الأغسال من حيث حقائقها ، وكون الاختلاف من ناحية إضافتها إلى موجباتها ـ كقولك : غسل الجنابة ، وغسل الجمعة ، وغسل مسّ الميّت ، وغسل ليلة القدر وهكذا ـ ممّا لا دليل عليه ، بل ظاهر قوله عليهالسلام : « إذا اجتمعت لله عليك حقوق أجزأها عنك غسل واحد » (١) تعدّد الحقوق ، غاية الأمر أنّ الرواية تدلّ على كفاية الامتثال للجميع بإتيان غسل واحد ، ولا ينافي الاكتفاء بواحد مع تعدّد حقوق المجتمعة واختلاف حقائقها ، كما هو صريح رواية حريز.
وخلاصة الكلام في المقام : أنّ ظاهر تعدّد الأسباب والموجبات للغسل ـ كالجنابة والحيض والاستحاضة في بعض أقسامها ومسّ الميّت ونفس الميّت ، أي كون موت المسلم موجبا للغسل ، وغسل الإحرام والجمعة والزيارة ، والأغسال الزمانيّة على كثرتها ، ورؤية المصلوب إلى غيرها من الأسباب المذكورة في الكتب الفقهيّة ـ هو تعدّد الغسل وأنّها حقائق مختلفة ، ومن آثارها عدم إجزاء واحد منها عن الباقي ، سواء نوى بذلك الواحد سائر الأغسال أو لم ينو ، وسواء كان ذلك الواحد الذي يأتي به غسل الجنابة أو غيرها.
ولكن وردت روايات متعدّدة تدلّ على أنّ إتيان واحد منها يكون مجزيا عن الباقي إذا كان ما في ذمّته متعدّدا ، خصوصا إذا كان بإتيان ذلك الواحد ينوي جميع ما في ذمته ، وخصوصا إذا كان ما يأتي به بعنوان غسل الجنابة وينوي الباقي في ضمنه وتبعا له.
__________________
(١) « الكافي » ج ٣ ، ص ٤١ ، باب ما يجزئ الغسل منه إذا اجتمع ، ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ج ١ ، ص ١٠٧ ، ح ٢٧٠ ، باب الأغسال المفترضات والمسنونات ، ح ١١ ، « وسائل الشيعة » ج ١ ، ص ٥٢٥ ، أبواب الجنابة ، باب ٤٣ ، ح ١.