الظاهر حسب المتفاهم العرفي هو أن يكون إلزامه أو التزامه بشيء في ضمن عقد ومعاملة ، أو أمر آخر ، بمعنى أن يكون إلزامه غيره بشيء أو التزامه لغيره بشيء مربوطا بأمر آخر ، وليس معنى الشرط مطلق الإلزام والالتزام.
فالشرط بالمعنى المصدري عبارة عن جعل شيء مرتبطا بأمر آخر. وبهذا المعنى يكون مبدأ للاشتقاقات منه ، كالشارط والمشروط وأمثالهما من المشتقّات من هذه المادّة ـ وبمعنى الاسم المصدري عبارة عن الشيء المرتبط بغيره.
هذا هو المتفاهم العرفي ، مضافا إلى أنّه لو كان مطلق الإلزام والالتزام ـ ولو كانا ابتدائيّين غير مربوطين بشيء يلزم تخصيص الأكثر في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « المؤمنون عند شروطهم » (١) وهو مستهجن جدّا.
فلا بدّ من حمل الشروط في الحديث على الشروط الواقعة في ضمن العقود ، كي لا يلزم تخصيص الأكثر المستهجن ، لأنّ الشروط الابتدائيّة لا يجب الوفاء بها إجماعا.
فإن قلنا بأنّ الشرط أعمّ من الشروط الابتدائيّة وغيرها ، فيكون استعماله في الحديث عنائيّا مجازيّا ، وهو خلاف ظاهر هذا الكلام.
وأمّا الاستشهاد لكونه أعمّ من الابتدائي وغيره بالأخبار ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « شرط الله أحقّ وأوثق ، والولاء لمن أعتق » في قصة بريرة ، فإطلاق الشرط على حكمه تعالى بأنّ الولاء لمن أعتق ، يمكن أن يكون استعمالا عنائيّا مجازيّا ، لأنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة.
ويمكن أن يكون على نحو الحقيقة ، باعتبار كون أحكامه تبارك وتعالى مرتبطة بعهده إلى العباد ، وأخذ الميثاق عنهم أن لا يعبدوا الشيطان ، كما يشير قوله تعالى ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ) (٢).
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٢٥١.
(٢) يس (٣٦) : ٦٠.