تعالى كانت معدومة قبل وجودها ، لكن لا أثر له ، بل الأثر للعدم النعتي ، وإثبات العدم النعتي باستصحاب العدم المحمولي يكون من الأصل المثبت الذي أثبتنا في الأصول عدم حجّيته.
فالنتيجة : أنّه لا فرق بين أن يكون شرط صحّة الشروط عدم مخالفتها للكتاب ، أو كان الشرط موافقته للكتاب حتّى بالنسبة إلى مجاري عدم الأصول وحديث السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع تهويل خال عن التحصيل.
الثالث : في أنّه ما المراد من عدم مخالفة الكتاب أو موافقته، وما هو الضابط لذلك؟ فنقول : الضابط في ذلك هو أن يكون الشرط نافيا لما أثبته الشارع ، أو مثبتا لما نفاه ، فلو شرط عليه ارتكاب حرام أو ترك واجب ، يكون هذا الشرط مخالفا للكتاب والسنّة قطعا ، لأنّ ارتكاب الحرام وترك الواجب ممّا نفاه الشارع ومنع منه.
وأمّا لو شرط عليه فعل ما ليس بواجب ولا حرام ، أو تركه سواء كان مباحا أو مستحبّا أو مكروها ، فلا يكون مخالفا ، لأنّ الشارع لم يمنع من فعل متعلّقات الأحكام غير الإلزامية ، ولا عن تركها ، فليس الشرط نافيا لما أثبته الشرع ، أو مثبتا لما نفاه.
نعم لو شرط عليه أو هو التزم بكون ما أحلّه الشارع حراما ، أو ما حرّمه حلالا وكذلك في سائر الأحكام الخمسة بأن يكون الحكم على خلاف ما جعله الشارع ، فيكون مثل هذا الشرط مخالفا للكتاب والسنّة ، لأنّه مثبت لما نفاه ، وناف لما أثبته.
فيكون مشتملا على أمرين كلّ واحد منهما يكون موجبا لكونه على خلاف الكتاب والسنّة ، بل اشتراط كون الفعل الفلاني حكمه كذلك مطلقا باطل ، سواء كان ذلك الحكم موافقا لما جعله الشارع ، أو كان مخالفا له. أمّا لو كان مخالفا فلأجل مخالفته أوّلا ، ولأجل عدم كونه مقدورا للمشروط عليه ثانيا ، لأنّ وضع الأحكام الشرعيّة ورفعها بيد الشارع وليس ذلك لغيره.
وأمّا لو كان موافقا فلأجل أنّ الشرط يكون حينئذ من قبيل تحصيل الحاصل ،