كان مباحا بالمعنى الأخصّ ، أو كان مستحبّا ، أو كان مكروها جائز شرعا ، فالالتزام به وإن كان طول العمر ليس مخالفا للكتاب فيأتي السؤال بأنّه فأين مصداق الشرط المحرّم للحلال الذي استثناه عليهالسلام من الشرط الصحيح والجائز في الموثق المروي عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « من شرط لامرأته شرطا ، فليف به لها ، فإنّ المسلمين عند شروطهم ، إلاّ شرطا حرّم حلالا أو أحلّ حراما » (١)؟
ولكن يمكن الجواب عن هذا السؤال بأنّ ما ذكرنا من أنّ شرط ترك ما ليس بواجب وإن كان الترك طول عمره ليس مخالفا للكتاب ومحرّما للحلال باعتبار مضمون الشرط والمعنى الاسم المصدري له ، أي باعتبار ما التزم به. وأمّا باعتبار المعنى المصدري له ـ أي نفس الالتزام ـ فمخالف للكتاب ومحرّم للحلال ، لأنّ الالتزام بترك شيء طول العمر عرفا عبارة عن تحريمه على نفسه ، كما أنّ إلزامه غيره بذلك أيضا عبارة عن تحريمه عليه ، فيكون تحريم ما أحلّه الله عليه. ويشهد بذلك الرواية الواردة في بطلان الحلف على ترك شرب العصير المباح دائما ، معلّلا بأنّه ليس لك أن تحرم ما أحلّه الله.
فشرط ترك المباح دائما ، إن كان الالتزام متعلّقا بترك نوع مباح ، لا ببعض أفراده ومصاديقه لخصوصيّة فيه ، يكون تحريما للحلال باعتبار نفس الالتزام لا الملتزم به.
وأمّا شرط ترك بعض أفراد نوع منه ، كأن يشترط ترك شرب فرد من العصير مثلا وإن كان دائما فليس تحريما للحلال.
فصدق كون الشرط تحريما للحلال بنظر العرف ـ أي نفس الالتزام بذلك ، لا الملتزم به ـ مشروط بأمرين :
أحدهما : أن يكون المشروط ترك نوع من المباح ، لا فرد ومصداق من
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ٤٦٧ ، ح ١٨٧٢ ، باب الزيادات في فقه النكاح ، ح ١٠ ، « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٣٥٣ ، أبواب الخيار ، باب ٦ ، ح ٥.