أما لو قلنا بأن قيام البينة المعتبرة عند شخص على موضوع لا يثبت ذلك الموضوع إلا لمن قامت عنده البينة ، وأما بالنسبة إلى غيره فلا يثبت ذلك الموضوع ولو علم بقيام البينة على وجوده عند شخص آخر.
فليس الأمر كما ذكرنا وقلنا من الأقسام الثلاثة ، بأن الأثر إما مخصوص بنفس من قامت عنده البينة ، فيجب عليه ترتيب ذلك الأثر فقط ، ولا ربط لقيامها بالآخرين. وإما غيره شريك معه ، فيجب ترتيب الأثر منه ومن غيره. وإما مخصوص بغيره ، فيجب ترتيب الأثر من ذلك الغير فقط دون نفسه.
والظاهر من أدلة عموم حجية البينة ـ سواء أكانت الأخبار والآيات ، أو كانت هي سيرة المتشرعة وبناء العقلاء ـ أن قيامها عند أي شخص على موضوع ذي أثر شرعا مثبت لذلك الموضوع للجميع ، فكل من كان ثبوت ذلك الموضوع له أثر يجب عليه ترتيب ذلك الأثر ، سواء أكان من له أثر هو من قامت البينة عنده ، أو غيره ، أو كانا شريكين.
ثمَّ أنه بناء على القول الآخر ـ أي اختصاص ثبوت مؤدى البينة بمن قامت عنده ـ فلا يجب التعرض للآخر ، سواء أكان الآخر شريكا معه في أثر ذلك الموضوع الذي قامت عليه البينة ، أو كان الأثر مخصوصا بذلك الغير ، لأن المفروض بناء على هذا القول عدم ثبوت المؤدى له وهو باق على جهله.
ولا يتوهم : أن له التعرض من باب الأمر بالمعروف إذا كان أثر المؤدى هو الوجوب عليه ـ ككون المؤدى مثلا رؤية هلال شهر رمضان ومن باب النهي عن المنكر إذا كان المؤدى هي الحرمة ، وذلك ككون المؤدى رؤية هلال شوال باعتبار حرمة الصوم في ذلك اليوم في الفرض الثاني ، ووجوبه في الفرض الأول ـ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موردهما فيما إذا تنجز التكليف وجوبا في الأول ، وحرمة في الثاني على المكلف وقام عليه البيان ، والمفروض في المقام أن ذلك الغير جاهل و