الطعام لمن جاء بصواع الملك ، كما يشير إليه قوله تعالى ( قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ ) (١) والمنشأ والمجعول تشريعا حمل بعير معلقا على مجيئه بصواع الملك ، ولا يلزم تفكيك الإنشاء عن المنشإ ، لأنّ المنشأ وهي الملكيّة لحمل بعير يوجد في عالم الاعتبار والتشريع حال الإنشاء ، ولم يتأخّر منه آن من الآنات.
وهذا المعنى في الأمور التكوينيّة غير ممكن ، لأنّ الأمور التكوينيّة إن وجدت يكون وجودها بتّية ولا يقبل التعليق ، بخلاف الاعتباريّات فإنّ اعتبار أمر معلّقا على وجود أمر آخر لا مانع منه ، فيعتبر وجوب الحجّ على تقدير الاستطاعة ، فيجوز اعتبار نجاسة ماء العنب على تقدير الغليان من قبل أن يخلق الكرم ، فضلا عن كونه قبل وجود الغليان ، وأمّا مسكريّته فلا يمكن إيجادها في الخارج على تقدير الغليان قبل وجود الغليان.
إذا عرفت هذا فنقول : إنّ المنشئات في باب العقود والإيقاعات حيث أنّها أمور اعتباريّة فلا مانع من تعليقها عقلا ، ولكن انعقد الإجماع على عدم جواز التعليق في منشآت العقود ، فالشرط أيضا حيث أنّه من هذه الجهة مثل العقود عبارة عن إنشاء الالتزام بأمر على نفسه لطرفه ، والمنشأ بهذا الإنشاء هو نفس الالتزام بذلك الأمر ، فلا مانع من أن يكون ذلك الأمر الذي التزم به معلّقا على أمر آخر ، مثلا لو التزم في ضمن عقد لازم أن يطبخ له ولكن معلّقا على نزول ضيف عليه ، أو التزم بأن يخيط له ثوبا معلّقا على تزويجه ، وهكذا في سائر الموارد لا يلزم منه ـ أي من تعليق الشرط ـ محذور عقلا أصلا.
فظهر ممّا ذكرنا أنّ تعليق الشرط وعدم تنجيزه ـ بمعنى تعليق ما التزم به ـ لا محذور فيه عقلا أصلا ، مثل تعليق المنشأ في باب العقود ، ولكن الفرق بين الشروط والعقود هو أنّ في باب العقود وإن لم يكن محذور عقلا في تعليق منشآتها إلاّ أنّه ممنوع
__________________
(١) يوسف (١٢) : ٧٢.