فبناء على هذا يكون عنوان البلوغ ملازم عادة مع احتمال المطلوبيّة ، وإن كان بالدقّة بينهما عموم وخصوص من وجه.
ثمَّ إنّ الظاهر من مفاد مجموع هذه الأخبار هو الاحتمال الأوّل ، أي كون العمل الذي أتى به بداعي التماس الثواب مستحبّا.
غاية الأمر إنّما الكلام في معروض هذا الاستحباب هل هو ذات العمل ، أو العمل المعنون بعنوان البالغ عليه الثواب؟ بحيث يكون من قبيل العنوان الثانوي للعمل ، كعنوان الإكراه والاضطرار ، فيكون ذات العمل وحدها غير محكوم بالاستحباب ، بل كان مباحا في حدّ نفسه ، ولكن بواسطة طروّ هذا العنوان وجدت فيه مصلحة صارت سببا لاستحبابه معنونا بهذا العنوان ، بمعنى أنّه واسطة في العروض ، لا أنّه واسطة في الثبوت فقط.
فالدليل على ثبوت الاستحباب ـ لهذا العمل المعنون بهذا العنوان ـ هو أخبار من بلغ ، لا الخبر الضعيف. وأخبار من بلغ في غاية القوّة والصحّة ، بل ربما ادّعي قطعيّة صدورها. نعم الخبر الضعيف يوجب تعنون العمل بهذا العنوان ، وبعبارة أخرى : يوجب تحقّق موضوع الحجّة.
فبناء على هذا قول المشهور بالتسامح في أدلّة السنن لا ينطبق على هذا ، وليس كما ينبغي إن كان مرادهم هذا المعنى.
نعم لو قلنا أنّ مفاد هذه الأخبار حجّية خبر الضعيف لإثبات الاستحباب ، وبعبارة أخرى : أنّ شرائط الحجّية في باب الخبر الدالّ على الاستحباب ليست عين الشرائط التي أخذت في باب الأحكام الإلزاميّة ، من لزوم كون الراوي عدلا أو ثقة ، ولم يعرض الأصحاب عن العمل به ، إلى غير ذلك من القيود والشرائط.
بل لو دلّ خبر ضعيف على استحباب عمل ، يكون حجّة ومثبتا لذلك الاستحباب. وعلى هذا ينطبق ما ذكروه من التسامح في أدلّة السنن ، ولكن عرفت أنّ